وَالصَّحِيحُ هَذَا الرَّابِعُ، بِدَلِيلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَعُمُّهَا.
الثَّانِي: قَوْله تَعَالَى: {إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ} النساء: 102 وَيَصِحُّ رُجُوعُهُ إلَى الِاحْتِمَالَاتِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَتَقْدِيرُهُ: يَسْأَلُونَك عَنْ مَوْضِعِ الْحَيْضِ، قُلْ: هُوَ أَذًى؛ فَيَكُونُ رُجُوعُهُ إلَى حَقِيقَةِ الْمَحِيضِ مَجَازًا، وَيَكُونُ رُجُوعُهُ إلَى مَجَازِهِ حَقِيقَةً، وَهَذَا مِنْ بَدِيعِ التَّقْدِيرِ.
مَسْأَلَةٌ دَمِ الْحَيْضِالْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: اخْتَلَفَ عُلَمَاؤُنَا فِي دَمِ الْحَيْضِ؛ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ كَسَائِرِ الدِّمَاءِ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ سَوَاءٌ فِي التَّحْرِيمِ، رَوَاهُ أَبُو ثَابِتٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ سِيرِينَ عَنْ مَالِكٍ، وَجْهُ الْأَوَّلِ عُمُومٌ قَوْله تَعَالَى: {أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} الأنعام: 145 وَهَذَا يَتَنَاوَلُ الْكَثِيرَ دُونَ الْقَلِيلِ.
وَوَجْهُ الثَّانِي قَوْله تَعَالَى: {قُلْ هُوَ أَذًى} البقرة: 222 وَهَذَا يَعُمُّ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ، وَيَتَرَجَّحُ هَذَا الْعُمُومُ عَلَى الْآخَرِ بِأَنَّهُ عُمُومٌ فِي خُصُوصِ عَيْنٍ.
وَذَلِكَ الْأَوَّلُ هُوَ عُمُومٌ فِي خُصُوصِ حَالٍ، وَحَالُ الْمُعَيَّنِ أَرْجَحُ مِنْ حَالِ الْحَالِ، وَهَذَا مِنْ غَرِيبِ فُنُونِ التَّرْجِيحِ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ، وَهُوَ مِمَّا لَمْ نُسْبَقْ إلَيْهِ وَلَمْ نُزَاحَمْ عَلَيْهِ.
مَسْأَلَةٌ مَا يَمْنَعُ مِنْهُ الْحَيْضُالْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: جُمْلَةُ مَا يَمْنَعُ مِنْهُ الْحَيْضُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ أَحْكَامِ الشَّرْعِ: وَجُمْلَةُ ذَلِكَ خَمْسَةٌ:
الْأَوَّلُ: أَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ كُلِّ فِعْلٍ يُشْتَرَطُ لِجَوَازِهِ الطَّهَارَةُ.
الثَّانِي: دُخُولُ الْمَسْجِدِ.
الثَّالِثُ: الصَّوْمُ.
الرَّابِعُ: الْوَطْءُ.
الْخَامِسُ: إيقَاعُ الطَّلَاقِ.