فِي الدُّنْيَا، وَنَقْصُ مَالِهِ فِي الْآخِرَةِ؛ وَرَبِحَ مُنْفِقُ الطَّيِّبِ فِي الدُّنْيَا حُسْنُ النِّيَّةِ وَصِدْقُ الرَّجَاءِ فِي الْعِوَضِ، وَرِبْحُهُ فِي الْآخِرَةِ ثِقَلُ الْمِيزَانِ.
الْآيَة الْمُوفِيَة ثَلَاثِينَ قَوْله تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْالْآيَةُ الْمُوفِيَةُ ثَلَاثِينَ:
قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} المائدة: 101 {قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ} المائدة: 102.
فِيهَا سَبْعُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي سَبَبِ نُزُولِهَا: وَفِي ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ:
الْأَوَّلُ: رُوِيَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خُطْبَةً مَا سَمِعْنَا مِثْلَهَا. قَالَ: لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا. قَالَ: فَغَطَّى أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وُجُوهَهُمْ، وَلَهُمْ حُنَيْنٌ. فَقَالَ رَجُلٌ: مَنْ أَبِي؟ فَقَالَ: أَبُوك فُلَانٌ»، فَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} المائدة: 101.
الثَّانِي: ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، «كَانُوا يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتِهْزَاءً، فَيَقُولُ الرَّجُلُ: مَنْ أَبِي؟ وَيَقُولُ الرَّجُلُ: تَضِلُّ نَاقَتُهُ: أَيْنَ نَاقَتِي»؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَةَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} المائدة: 101.
الثَّالِثُ: رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} آل عمران: 97 قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفِي كُلِّ عَامٍ؟ قَالَ: لَا. وَلَوْ قُلْت: نَعَمْ لَوَجَبَتْ». فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} المائدة: 101. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ بَعْضُهُ.