الرَّابِعُ: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْبَحِيرَةِ، وَالسَّائِبَةِ، وَالْوَصِيلَةِ، وَالْحَامِ؛ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْله تَعَالَى: {إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} المائدة: 101: هَذَا الْمَسَاقُ يُعَضِّدُ مِنْ هَذِهِ الْأَسْبَابِ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى أَنَّ سَبَبَهَا سُؤَالُ ذَلِكَ الرَّجُلِ: مَنْ أَبِي؟ لِأَنَّهُ لَوْ كَشَفَ لَهُ عَنْ سِرِّ أُمِّهِ رُبَّمَا كَانَتْ قَدْ بَغَتْ عَلَيْهِ فَيَلْحَقُ الْعَارُ بِهِمْ.
وَلِذَلِكَ رُوِيَ أَنَّ أُمَّ السَّائِلِ قَالَتْ لَهُ: يَا بُنَيَّ؛ أَرَأَيْت أُمَّك لَوْ قَارَفْت بَعْضَ مَا كَانَ يُقَارِفُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، أَكُنْت تَفْضَحُهَا؟ فَكَانَ السَّتْرُ أَفْضَلَ.
وَيُعَضِّدُهُ أَيْضًا رِوَايَةُ مَنْ رَوَى عَنْ تَفْسِيرِ فَرْضِ الْحَجِّ؛ فَإِنَّ تَكْرَارَهُ مُسْتَثْنًى لِعَظِيمِ الْمَشَقَّةِ فِيهِ، وَعَظِيمِ الِاسْتِطَاعَةِ عَلَيْهِ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِأَشْيَاءَ فَامْتَثِلُوهَا، وَنَهَاكُمْ عَنْ أَشْيَاءَ فَاجْتَنِبُوهَا، وَسَكَتَ لَكُمْ عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً مِنْهُ، فَلَا تَسْأَلُوا عَنْهَا».
مَسْأَلَةُ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْالْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ} المائدة: 101: وَهَذَا يَشْهَدُ لِكَوْنِهَا مِنْ بَابِ التَّكْلِيفِ الَّذِي لَا يُبَيِّنُهُ إلَّا نُزُولُ الْقُرْآنِ، وَجَعَلَ نُزُولَ الْقُرْآنِ سَبَبًا لِوُجُوبِ الْجَوَابِ؛ إذْ لَا شَرْعَ بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحَقِّقُ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {عَفَا اللَّهُ عَنْهَا} المائدة: 101 أَيْ أَسْقَطَهَا، وَهِيَ:
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: وَاَلَّذِي يَسْقُطُ لِعَدَمِ بَيَانِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ فِيهِ وَسُكُوتِهِ عَنْهُ هُوَ بَابُ التَّكْلِيفِ فَإِنَّهُ بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ فِيهِ، فَيُحَرِّمُ عَالِمٌ، وَيُحِلُّ آخَرُ، وَيُوجِبُ مُجْتَهِدٌ. وَيُسْقِطُ آخَرُ؛ وَاخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ رَحْمَةٌ لِلْخَلْقِ، وَفُسْحَةٌ فِي الْحَقِّ، وَطَرِيقٌ مَهْيَعٌ إلَى الرِّفْقِ.
مَسْأَلَةُ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْالْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: قَوْله تَعَالَى: {قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ} المائدة: 102: فِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: