قوله عزَّ وجلَّ {حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} الخوض: الدخول في الشيء والشروع فيه، وأصله: الخوض في الماء. والضمير في لأبيه {غَيْرِهِ} راجع على معنى الآياتِ؛ لأنَّها ذِكْر وحديث وقرآن، فلذلك ذُكِّر.
وقوله: {وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ} إنْ: حرف شرط، و (ما) صلة، ولولاها ما أكد الفعل بالنون.
وقرئ: (يُنْسِينك) بالتخفيف من أَنْسَي، وبالتشديد (1) من نَسَّى. والهمزة وتضعيف العين كلاهما لتعدية الفعل.
فإن قلت: نسي يتعدى إلى مفعول واحد قبل النقل، وبعد النقل إلى اثنين، فأين الثاني ها هنا؟ قلت: محذوف وفيه تقديران:
أحدهما: إن أنساك الشيطان نَهْيَنا إياك عن مجالستهم فلا تقعد معهم بعد أن تذكر ذلك النهي.
والثاني: إن أنساك الشيطان قُبْحَ مجالسةِ المستهزئين فلا تقعد بعد أن ذكرناك قبحها ونبهناك عليه معهم.
{وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (69)}:
قوله عزَّ وجلَّ {وَلَكِنْ ذِكْرَى} محل {ذِكْرَى} إما النصب على المصدر بمعنى: وما يلزم المتقين الذين يجالسونهم شيء مما يحاسبون عليه من ذنوبهم، ولكن عليهم أن يذكروهم ذكري، أي: تذكيرًا، {لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}: أَيْ لعلهم يجتنبون الخوض حياء أو كراهة لمساءتهم.
أو الرفع على الابتداء والخبر محذوف، أي: ولكن عليهم ذكري، أو بالعكس، أي: هذا ذكرى.