وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ}:
قوله - عز وجل -: {قَدِ افْتَرَيْنَا} لفظه ماض ومعناه المستقبل؛ لأنه لم يقع وإنما سدَّ مسد جواب {إِنْ عُدْنَا}، قيل: وساغ دخول قد هنا؛ لأنهم نزَّلوا الافتراء عند العود منزلة الواقع، فقربوه بقد (1).
والمعنى: قد افترينا الآن إن هممنا بالعود، {وَمَا يَكُونُ} وما ينبغي لنا وما يصح.
وقوله: {وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا} محل {أَنْ} وما اتصل بها رفع بأنها اسم يكون، والخبر {لَنَا}.
وقوله: {إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} فيه وجهان:
أحدهما: أنَّه منقطع بمعنى: إلَّا أن يريد الله إهلاكنا.
والثاني: أنَّه متصل، أي: إلَّا وقت مشيئة الله، والاستثناء هاهنا على وجه التسليم لله جل ذكره.
وقوله: {وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا} (كل) مفعول وسع، و {عِلْمًا} منصوب على التمييز، وقد ذكر في "الأنعام" (2)، أي: أحاط به فلا يخفى عليه شيء منه.
{وَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (90) فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ}:
قوله - عز وجل -: {لَئِنِ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْبًا إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ} اللام الأولى لام القسم، وإن حرف شرط، و {إِنَّكُمْ} وما اتصل به جواب القسم، وسد جواب القسم عن جواب الشرط، وقد ذكر نظيره في غير موضع (3).