وكان من العباد، وتوفي بالكوفة في جمادى الأولى سنة ثلاث وتسعين ومائة في الشهر الذي توفى فيه هارون الرشيد بطوس.
والراوي الثاني لعاصم: هو حفص بن سليم البزاز بزايين، مات سنة ثمانين ومائة، قال أبو بكر الخطيب: كان المتقدمون يعدونه في الحفظ فوق أبي بكر بن عياش ويصفونه بضبط الحرف الذي قرأ به على عاصم، وقال يحيى بن معين بن عمرو بن أيوب: زعم أيوب بن المتوكل قال: أبو عمر حفص البزاز أصح قراءة من أبي بكر ابن عياش وأبو بكر أوثق من أبي عمر فهذا معنى قول الشاطبي وبالإتقان كان مفضلا يعني بإتقان حرف عاصم لا في رواية الحديث والله أعلم.
37-
وَحَمْزَةُ مَا أَزْكاهُ مِنْ مُتَوَرِّعٍ
... إِمَاماً صَبُوراً لِلقُرانِ مُرَتِّلاَ
وهذا البدر السادس: أبو عمارة حمزة بن حبيب الزيات شيخ القراء بالكوفة بعد عاصم فقوله: وحمزة مبتدأ وخبره ما بعده من الجملة التعجبية، كقوله: زيد ما أكرمه، ومن متورع في موضع نصب على التمييز كقولك: ما أكرمه رجلا وما أكرمه من رجل، وكذلك المنصوبات بعده أي ما أزكى ورعه وإمامته وصبره وترتيله للقرآن، ويجوز نصب إماما وما بعده على المدح أي اذكر إماما صبورا ويجوز نصبهنّ على الحال ويجوز أن يكون ما أزكاه إلى آخر البيت كلاما معترضا لمجرد الثناء، وخبر المبتدأ أول البيت الآتي، وهو: "روى خلف عنه وأزكاه من زكا" إذا طهر ونما صلاحه أي ما أجمعه لخصال الخير، ومات -رحمه الله- سنة ست ومسين وقيل سنة أربع أو ثمان وخمسين ومائة والله أعلم.
38-
رَوَى خَلَفٌ عَنْهُ وَخَلاَّدٌ الَّذِي
... رَوَاهُ سُلَيْمٌ مُتْقِناً وَمُحَصِّلاَ
اعتمد في هذا الإطلاق على معرفة ذلك واشتهاره بين أهله وهو أن سليما قرأ على حمزة وأن خلفا وخلادا أخذا قراءة حمزة عن سليم عنه وظاهر نظمه لا يفهم منه هذا؛ فإنه لا يلزم من كونهما رويا الذي رواه سليم أن يكون أخذهما عن سليم لاحتمال أن يكون سليم رفيقا لهما ومتقنا ومحصلا حالان من الهاء في رواه أو من الذي وكلاهما واحد.
وسليم هذا: هو سليم بن عيسى مولى بني حنيفة، مات سنة ثمان أو تسع وثمانين ومائة وقيل سنة مائتين.
وأما خلف: فهو صاحب الاختيار وهو أبو محمد خلف بن هشام البزار آخره راء، مات ببغداد سنة إحدى أو ثمان أو تسع وعشرين ومائتين.
وأما خلاد: فهو أبو عيسى ويقال أبو عبد الله خلاد بن خالد الأحول الصيرفي الكوفي ويقال خلاد ابن خليد ويقال ابن عيسى: توفي سنة عشرين أو ثلاثين ومائتين.
39-
وَأَمَّا عَلِيٌّ فَالْكِسَائِيُّ نَعْتُهُ
... لِمَا كانَ في الْإِحْرَامِ فِيهِ تَسَرْبَلاَ
وهذا البدر السابع: أبو الحسن علي بن حمزة بن عبد الله بن بهمن بميم ونون آخره النحوي المعروف بالكسائي، مات سنة تسع وثمانين ومائة، وقيل قبل ذلك.
ذكر الشاطبي في هذا البيت سبب كونه نعت بالكسائي وهو أحد الأقوال في ذلك ولم يذكر صاحب