التيسير غيره وقيل له الكسائي من أجل أنه أحرم في كساء والنعت الصفة والسربال القميص وقيل كل ما يلبس كالدرع وغيره يقال سربلته فتسربل أي ألبسته السربال فلبسه ولما تنزل الكساء من الكسائي منزلة القميص أطلق عليه لفظ تسربل، واللام في لما للتعليل وما مصدرية أي: لكونه تسربل الكساء في وقت إحرامه بنسك الحج أو العمرة، وقوله: فيه يحتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون متعلقا بالإحرام أي لكونه أحرم فيه والضمير للكساء الذي دل عليه لفظ الكسائي ومفعول تسربل محذوف أي تسربل الكساء.
الوجه الثاني: أن يكون فيه مفعول تسربل أي لكونه في وقت الإحرام تسربل فيه فتكون في زائدة أو عداه بـ "في" لكونه ضمنه معنى حل أو تكون في بمعنى الباء أي به تسربل، وقيل سمي الكسائي؛ لأنه كان في حداثته يبيع الأكسية وقيل: لكونه كان من قرية من قرى السواد يقال لها باكسايا وقيل: كان يتشح بكساء ويجلس مجلس حمزة فكان حمزة يقول: اعرضوا على صاحب الكساء. قال الأهوازي: وهذا القول أشبه بالصواب عندي.
40-
رَوَى لَيْثُهُمْ عَنْهُ أَبُو الْحَارِثِ الرِّضاَ
... وَحَفْصٌ هُوَ الدُّورِيُّ وَفيِ الذِّكْرِ قَدْ خَلاَ
ليثهم مثل ورشهم هو أبو الحارث الليث بن خالد، مات سنة أربعين ومائتين، والرضى أي المرضى أو على تقدير ذي الرضى وحفص هو الدوري الراوي عن اليزيدي ولهذا قال في الذكر: "قد خلا" أي سبق ذكره فيما ذكرناه من النظم.
41-
أَبُو عَمْرِهِمْ والْيحْصَبِيُّ ابْنُ عَامِرٍ
... صَرِيحٌ وَبَاقِيهِمْ أَحَاطَ بِهِ الْولاَ
أضاف أبا عمرو إلى ضمير القراء كما سبق في ورشهم وليثهم وصالحهم وأبو عمرو وإن كان لفظه مركبا فمدلوله مفرد فلوحظ المدلول فأضيف على حد قولهم "حب رماني" في إضافة ما يسمى في العرف حب رمان، واليحصبي منسوب إلى يحصب حي من اليمن وفي الصاد الحركات الثلاث قبل النسب وبعده وابن عامر عطف بيان لليحصبي، وصريح خبر المبتدإ وما عطف عليه ولم يقل صريحان؛ لأن الصريح كالصديق والرفيق يقع على الواحد والمتعدد أو يكون صريح خبر الأول أو الثاني وحذف خبر الآخر لدلالة المذكور عليه وقد تقدم أن معنى الصريح الخالص النسب.
فمعنى البيت أن أبا عمرو وابن عامر خالصا النسب من ولادة العجم فهما من صميم العرب وهذا على قول الأكثر، ومنهم من زعم أن ابن عامر ليس كذلك، ومنهم من زعم أن ابن كثير وحمزة من العرب أيضا ولم يختلف في نافع وعاصم والكسائي أنهم ليسوا من العرب.
وغلب على ذرية العجم لفظ الموالي يقال فلان من العرب وفلان من الموالي فهذا الذي ينبغي أن يحمل عليه ما أشار إليه بقوله أحاط به الولا يعني ولادة العجم ولا يستقيم أن يراد به ولاء العتاقة فإن ذلك لم يتحقق فيهم أنفسهم ولا في أصول جميعهم ولا يستقيم أن يراد به ولاء الحلف فإن العربية لا تنافي ذلك وقد كان جماعة من العرب يحالفون غيرهم، وقد قيل في نسب أبي عمرو: إنه كان حليفا في بني حنيفة وقيل كان ولاؤه