{ألا تسجد} . وَكَقَوْلِهِ: {لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بلاغ} أَيْ هَذَا، بِدَلِيلِ ظُهُورِهِ فِي سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ فقال تعالى: {هذا بلاغ للناس} وَنَظَائِرِهِ.
وَمِنْهَا: اعْتِضَادُهُ بِسَبَبِ النُّزُولِ، كَمَا فِي قوله تعالى: {إذا قمتم إلى الصلاة} فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ تَقْدِيرٍ فَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ أَيْ قُمْتُمْ مِنَ الْمَضَاجِعِ يَعْنِي النَّوْمَ وَقَالَ غَيْرُهُ إِنَّمَا يَعْنِي إِذَا قُمْتُمْ مُحْدِثِينَ.
وَاحْتُجَّ لِزَيْدٍ بِأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ إِنَّمَا نَزَلَتْ بِسَبَبِ فِقْدَانِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عِقْدَهَا فَأَخَّرُوا الرَّحِيلَ إِلَى أَنْ أَضَاءَ الصُّبْحُ فَطَلَبُوا الْمَاءَ عِنْدَ قِيَامِهِمْ مِنْ نَوْمِهِمْ فَلَمْ يَجِدُوهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ.
وَبِمَا رُجِّحَ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ بِأَنَّ الْأَحْدَاثَ الْمَذْكُورَةَ بعد قوله: {إذا قمتم} الْأَوْلَى أَنْ يَحْمِلَ قَوْلُهُ: {إِذَا قُمْتُمْ} مَعْنًى غَيْرَ الْحَدَثِ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْفَائِدَةِ فَتَكُونُ الْآيَةُ جَامِعَةً لِلْحَدَثِ وَلِسَبَبِ الْحَدَثِ، فَإِنَّ النوم ليس بحدث بل سبب للحدث.
شروط الحذف.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: فِي شُرُوطِهِ.
فَمِنْهَا: أَنْ تَكُونَ فِي الْمَذْكُورِ دَلَالَةٌ عَلَى الْمَحْذُوفِ إِمَّا مِنْ لَفْظِهِ أَوْ مِنْ سِيَاقِهِ وَإِلَّا لَمْ يُتَمَكَّنْ مِنْ مَعْرِفَتِهِ فَيَصِيرُ اللَّفْظُ مُخِلًّا بِالْفَهْمِ وَلِئَلَّا يصير الكلام لغزا فيهج فِي الْفَصَاحَةِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ: لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِيمَا أُبْقِيَ دَلِيلٌ عَلَى مَا أُلْقِيَ.
وَتِلْكَ الدَّلَالَةُ مَقَالِيَّةٌ وَحَالِيَّةٌ.
فَالْمَقَالِيَّةُ قَدْ تَحْصُلُ مِنْ إِعْرَابِ اللَّفْظِ وَذَلِكَ كَمَا إِذَا كَانَ مَنْصُوبًا فَيُعْلَمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ.