ولا الحرور} ،قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: دُخُولُ لَا عَلَى نِيَّةِ التَّكْرَارِ كَأَنَّهُ قَالَ وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ وَلَا النُّورُ وَالظُّلُمَاتُ وَاسْتَغْنَى بِذِكْرِ الْأَوَائِلِ عَنِ الثَّوَانِي وَدَلَّ بِمَذْكُورِ الْكَلَامِ عَلَى مَتْرُوكِهِ.
وَقَوْلُهُ: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأسود من الفجر} .
فَإِنْ قِيلَ: لَيْسَ لِلْفَجْرِ خَيْطٌ أَسْوَدُ إِنَّمَا الْأَسْوَدُ مِنَ اللَّيْلِ.
فَأُجِيبَ: إِنَّ {مِنَ الْفَجْرِ} متصل بقوله: {الخيط الأبيض} وَالْمَعْنَى حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْفَجْرِ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ اللَّيْلِ لَكِنْ حذف من الليل لدلالة الكلام ثم عليه ولوقوع الْفَجْرِ فِي مَوْضِعِهِ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْفَجْرِ مُتَعَلِّقًا بِالْخَيْطِ الْأَسْوَدِ وَلَوْ وَقَعَ مِنَ الْفَجْرِ فِي مَوْضِعِهِ مُتَّصِلًا بِالْخَيْطِ الْأَبْيَضِ لَضَعُفَتِ الدَّلَالَةُ عَلَى الْمَحْذُوفِ وَهُوَ مِنَ اللَّيْلِ فَحُذِفَ مِنَ اللَّيْلِ لِلِاخْتِصَارِ وَأُخِّرَ مِنَ الْفَجْرَ لِلدَّلَالَةِ عَلَيْهِ.
الثَّالِثُ: مِنْ هَذَا قِسْمٌ يُسَمَّى الضَّمِيرُ وَالتَّمْثِيلُ، وَأَعْنِي بِالضَّمِيرِ أَنْ يُضْمِرَ من القول المجاور لِبَيَانِ أَحَدِ جُزْأَيْهِ كَقَوْلِ الْفَقِيهِ: النَّبِيذُ مُسْكِرٌ فَهُوَ حَرَامٌ فَإِنَّهُ أَضْمَرَ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ .
وَيَكُونُ فِي الْقِيَاسِ الِاسْتِثْنَائِيِّ، كَقَوْلِهِ: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لفسدتا} .
وَقَوْلُهُ: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حولك} ،وقد شهد الحسن وَالْعِيَانُ أَنَّهُمْ مَا انْفَضُّوا مِنْ حَوْلِهِ وَهِيَ الْمُضْمَرَةُ وَانْتَفَى عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه فظ غليط القلب.