وهو قتل القصاص الذي فِي الْآيَةِ تَنْصِيصٌ عَلَى الْمَقْصُودِ وَالَّذِي فِي الْمَثَلِ لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ.
الثَّانِيَ عَشَرَ: فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى رَبْطِ الْمَقَادِيرِ بِالْأَسْبَابِ وَإِنْ كَانَتِ الْأَسْبَابُ أَيْضًا بِالْمَقَادِيرِ وَكَلَامُ الْعَرَبِ يَتَضَمَّنُهُ إِلَّا أَنَّ فِيهِ زِيَادَةً وَهِيَ الدَّلَالَةُ عَلَى رَبْطِ الْأَجَلِ فِي الْحَيَاةِ بِالسَّبَبِ لَا مِنْ مُجَرَّدِ نَفْيِ الْقَتْلِ.
الثَّالِثَ عَشَرَ: فِي تَنْكِيرِ "حَيَاةٌ" نَوْعُ تَعْظِيمٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةً مُتَطَاوِلَةً كَقَوْلِهِ: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ الناس على حياة} وَلَا كَذَلِكَ الْمَثَلُ فَإِنَّ اللَّامَ فِيهِ لِلْجِنْسِ وَلِهَذَا فَسَّرُوا الْحَيَاةَ فِيهَا بِالْبَقَاءِ.
الرَّابِعَ عَشَرَ: فيه بناء أفعل التفضيل من مُتَعَدٍّ وَالْآيَةُ سَالِمَةٌ مِنْهُ الْخَامِسَ عَشَرَ: أَنَّ أَفْعَلَ فِي الْغَالِبِ تَقْتَضِي الِاشْتِرَاكَ فَيَكُونُ تَرْكُ الْقِصَاصِ نَافِيًا الْقَتْلَ وَلَكِنَّ الْقِصَاصَ أَكْثَرُ نَفْيًا وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ وَالْآيَةُ سَالِمَةٌ مِنْ هَذَا.
السَّادِسَ عَشَرَ: أَنَّ اللَّفْظَ الْمَنْطُوقَ بِهِ إِذَا تَوَالَتْ حَرَكَاتُهُ تَمَكَّنَ اللِّسَانُ مِنَ النُّطْقِ وَظَهَرَتْ فَصَاحَتُهُ بِخِلَافِهِ إِذَا تَعَقَّبَ كُلَّ حَرَكَةٍ سُكُونٌ وَالْحَرَكَاتُ تَنْقَطِعُ بِالسَّكَنَاتِ نَظِيرُهُ إِذَا تَحَرَّكَتِ الدَّابَّةُ أَدْنَى حَرَكَةٍ فَخَنِسَتْ ثُمَّ تَحَرَّكَتْ فَخَنِسَتْ لَا يُتَبَيَّنُ انْطِلَاقُهَا وَلَا تَتَمَكَّنُ مِنْ حَرَكَتِهَا عَلَى مَا تَخْتَارُهُ وَهِيَ كَالْمُقَيَّدَةِ وَقَوْلُهُمْ: "الْقَتْلُ أَنْفَى لِلْقَتْلِ" حَرَكَاتُهُ مُتَعَاقِبَةٌ بِالسُّكُونِ بِخِلَافِ الْآيَةِ.
السَّابِعَ عَشَرَ: الْآيَةُ اشْتَمَلَتْ عَلَى فَنٍّ بَدِيعٍ وَهُوَ جَعْلُ أَحَدِ الضِّدَّيْنِ الَّذِي هُوَ الْفَنَاءُ وَالْمَوْتُ مَحَلًّا وَمَكَانًا لِضِدِّهِ الَّذِي هُوَ الْحَيَاةُ وَاسْتِقْرَارُ الْحَيَاةِ فِي الْمَوْتِ مُبَالَغَةٌ عَظِيمَةٌ ذَكَرَهُ فِي الكشاف.