الثَّامِنَ عَشَرَ: أَنْ فِي الْآيَةِ طِبَاقًا لِأَنَّ الْقِصَاصَ مُشْعِرٌ بِضِدِّ الْحَيَاةِ بِخِلَافِ الْمَثَلِ.
التَّاسِعَ عَشَرَ: الْقِصَاصُ فِي الْأَعْضَاءِ وَالنُّفُوسِ وَقَدْ جُعِلَ في الكل حياة فيكون جمعا بين حياةالنفس وَالْأَطْرَافِ وَإِنْ فُرِضَ قِصَاصٌ بِمَا لَا حَيَاةَ فِيهِ كَالسِّنِّ فَإِنَّ مَصْلَحَةَ الْحَيَاةِ تَنْقُصُ بِذَهَابِهِ وَيَصِيرُ كَنَوْعٍ آخَرَ وَهَذِهِ اللَّطِيفَةُ لَا يَتَضَمَّنُهَا المثل.
العشرون: أنها أكثر فائدة لتضمنه الْقِصَاصَ فِي الْأَعْضَاءِ وَأَنَّهُ نَبَّهَ عَلَى حَيَاةِ النَّفْسِ مِنْ وَجْهَيْنِ مِنْ وَجْهٍ بِهِ الْقِصَاصُ صَرِيحًا وَمِنْ وَجْهِ الْقِصَاصِ فِي الطَّرْفِ لِأَنَّ أَحَدَ أَحْوَالِهَا أَنْ يَسْرِيَ إِلَى النَّفْسِ فَيُزِيلَهَا وَلَا كَذَلِكَ الْمَثَلُ.
وَقَدْ قِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ.
وَأَمَّا زِيَادَةُ {لَكُمْ} فَفِيهَا لَطِيفَةٌ وَهِيَ بَيَانُ الْعِنَايَةِ بِالْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْخُصُوصِ وَأَنَّهُمُ الْمُرَادُ حَيَاتُهُمْ لَا غَيْرُهُمْ لِتَخْصِيصِهِمْ بِالْمَعْنَى مَعَ وُجُودِهِ فِيمَنْ سِوَاهُمْ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا مِنَ الْبَيَانِ الْمُوجَزِ الَّذِي لَا يَقْتَرِنُ بِهِ شَيْءٌ.
وَمِنْ بَدِيعِ الْإِيجَازِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ.} الْآيَةَ، فَإِنَّهَا نِهَايَةُ التَّنْزِيهِ.
وَقَوْلُهُ: {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كريم} ، وهذا بينا عَجِيبٌ يُوجِبُ التَّحْذِيرَ مِنَ الِاغْتِرَارِ بِالْإِمْهَالِ.
وَقَوْلُهُ: {إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين} وقوله: {إن المتقين في مقام أمين} ، وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ.