وقوله: {فاصدع بما تؤمر} فَهَذِهِ ثَلَاثُ كَلِمَاتٍ اشْتَمَلَتْ عَلَى جَمِيعِ مَا فِي الرِّسَالَةِ.
وَقَوْلُهُ: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} ، فَهَذِهِ جَمَعَتْ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ كُلَّهَا لِأَنَّ فِي {خُذِ الْعَفْوَ} صِلَةَ الْقَاطِعِينَ وَالصَّفْحَ عَنِ الظَّالِمِينَ وَفِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ تَقْوَى اللَّهِ وَصِلَةَ الْأَرْحَامِ وَصَرْفَ اللِّسَانِ عَنِ الْكَذِبِ وَفِي الْإِعْرَاضِ عَنِ الْجَاهِلِينَ الصَّبْرَ وَالْحِلْمَ وَتَنْزِيهَ النَّفْسِ عَنْ مُمَارَاةِ السفيه.
قوله: {مدهامتان} معناه مسودتاه مِنْ شِدَّةِ الْخُضْرَةِ.
وَقَوْلُهُ: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا ما اكتسبت} .
وقوله: {أخرج منها ماءها ومرعاها} فدل بأمرين على ججميع مَا أَخْرَجَهُ مِنَ الْأَرْضِ قُوتًا وَمَتَاعًا لِلْأَنَامِ مِنَ الْعُشْبِ وَالشَّجَرِ وَالْحَبِّ وَالتَّمْرِ وَالْعَصْفِ وَالْحَطَبِ وَاللِّبَاسِ وَالنَّارِ وَالْمِلْحِ لِأَنَّ النَّارَ مِنَ الْعِيدَانِ وَالْمِلْحَ مِنَ الْمَاءِ.
وَقَوْلُهُ: {يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ ونفضل بعضها على بعض في الأكل} ، فَدَلَّ عَلَى نَفْسِهِ وَلُطْفِهِ وَوَحْدَانِيَّتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَهَدَى للحجة عل مَنْ ضَلَّ عَنْهُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ظُهُورُ الثَّمَرَةِ بِالْمَاءِ وَالتُّرْبَةِ لَوَجَبَ فِي الْقِيَاسِ أَلَّا تَخْتَلِفَ الطُّعُومُ وَالرَّوَائِحُ وَلَا يَقَعَ التَّفَاضُلُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ إِذَا نَبَتَ فِي مَغْرِسٍ وَاحِدٍ وَلَكِنَّهُ صُنْعُ اللَّطِيفِ الْخَبِيرِ.
وَقَوْلُهُ: {لَا يُصَدَّعُونَ عنها ولا ينزفون} ، كيف نفى بهذين جميع عيوب الخمر وجمع بقوله: {ولا يُنْزِفُونَ} عَدَمَ الْعَقْلِ وَذَهَابَ الْمَالِ وَنَفَادَ الشَّرَابِ.