{فيما عرضتم به من خطبة النساء} فَالْمُرَادُ مِنْهَا وَاحِدٌ وَالْجَوَابُ عَنْ أَحَدِهِمَا الْجَوَابُ عَنِ الْآخَرِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} {إن تبدوا الصدقات} {الصابرين والصادقين} الآية. {والمؤمنين والمؤمنات} الْآيَةَ. وَلَا تُحْصَى كَثْرَةً.
وَمِنْ شَوَاهِدِ مَجِيءِ جَمْعِ الْقِلَّةِ مُرَادًا بِهِ الْكَثْرَةُ قَوْلُ حَسَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
لَنَا الْجَفَنَاتُ الْغُرُّ يَلْمَعْنَ في الضحى
... وأسيافنا يقطرن من نجدة دما
وَحُكِيَ أَنَّ النَّابِغَةَ قَالَ لَهُ:
قَدْ قَلَّلْتَ جفتاك وَأَسْيَافَكَ
...وَطَعَنَ الْفَارِسِيُّ فِي هَذِهِ الْحِكَايَةِ لِوُجُودِ وَضْعِ جَمْعِ الْقِلَّةِ مَوْضِعَ الْكَثْرَةِ فِيمَا لَهُ جمع كثرة وفيما لا جمع له كثرة فِي كَلَامِهِمْ وَصَحَّحَهَا بَعْضُهُمْ قَالَ يَعْنِي أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي لِحَسَّانَ تَجَنُّبُ اللَّفْظِ الَّذِي أَصْلُهُ أَنْ يَكُونَ فِي الْقِلَّةِ وَإِنْ كَانَ جَائِزًا فِي اللِّسَانِ وَضْعُهُ لِقَرِينَةٍ إِذَا كَانَ الْمَوْضِعُ مَوْضِعَ مَدْحٍ أَوْ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَتِ الْقِلَّةُ لِمَعْنَى الْكَثْرَةِ لَكِنْ لَيْسَ فِي كُلِّ مَقَامٍ.
وَمِنَ الْمُشْكِلِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كثيرة} فَإِنَّ أَضْعَافًا جَمْعُ قِلَّةٍ فَكَيْفَ جَاءَ بَعْدَ كَثْرَةٍ!.
وَالْجَوَابُ أَنَّ جَمْعَ الْقِلَّةِ يُسْتَعْمَلُ مُرَادًا بِهِ الْكَثْرَةُ وَهَذَا مِنْهُ.
تَنْبِيهَانِ:.
الْأَوَّلُ: إِنَّمَا يُسْأَلُ عَنْ حِكْمَةِ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ لَهُ جمع كثرة فإن لم يكن فلا.