كقوله: {أياما معدودات} فَإِنَّ أَيَّامًا أَفْعَالٌ مَعَ أَنَّهَا ثَلَاثُونَ لَكِنْ لَيْسَ لِلْيَوْمِ جَمْعٌ غَيْرُهُ وَمِنْ ثَمَّ أَفْرَدَ السَّمْعَ وَجَمَعَ الْأَبْصَارَ فِي قَوْلِهِ: {وَعَلَى سَمْعِهِمْ وعلى أبصارهم} لِأَنَّ فَعْلًا سَاكِنَ الْعَيْنِ صَحِيحَهَا لَا يُجْمَعُ عَلَى أَفْعَالٍ غَالِبًا وَلَيْسَ لَهُ جَمْعُ تَكْسِيرٍ فَلَمَّا كَانَ كَذَلِكَ اكْتَفَى بِدَلَالَةِ الْجِنْسِ عَلَى الْجَمْعِ.
وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ مِنْ هَذَا أَنْفُسَكُمْ عَلَى كَثْرَتِهَا فِي الْقُرْآنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ جَاءَ {وإذا النفوس زوجت} وحكمته هنا ظاهرة لأن المراد استعياب جَمِيعِ الْخَلْقِ فِي الْمَحْشَرِ.
وَنَظِيرُهُ: {مِنْ كُلِّ الثمرات} لإمكان الثمار وليس رأس آية.
منه: {آيات محكمات} لِإِمْكَانِ آيٍ وَلَا يُقَالُ إِنَّهُ لِطَلَبِ الْمُشَاكَلَةِ فقد قال تعالى بعده: {وأخر متشابهات} فَدَلَّ عَلَى عَدَمِ الْمُشَاكَلَةِ لِإِمْكَانِ أُخْرَيَاتٌ.
وَكَذَلِكَ قوله: {تجري من تحتها الأنهار} وَلَيْسَ رَأْسَ آيَةٍ وَلَا فِيهِ مُشَاكَلَةٌ لِإِمْكَانِ الْأَنْهُرِ.
وَقَدْ جَاءَ أَنْفُسُ لِلْقِلَّةِ، كَقَوْلِهِ: {وَأَنْفُسَنَا وأنفسكم} وَقِيلَ: الْمُرَادُ نَفْسَانِ مِنْ بَابِ: {فَقَدْ صَغَتْ قلوبكما} .
الثَّانِي إِنَّمَا يَتِمُّ فِي الْمُنَكَّرِ أَمَّا الْمُعَرَّفُ فَيُسْتَغْنَى بِالْعُمُومِ عَنْ ذَلِكَ وَبِهَذَا يَخْدِشُ فِي كَثِيرٍ مِمَّا سَبَقَ جَعْلُهُ مِنْ هَذَا النَّوْعِ. وَقَدْ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {مِنَ الثمرات} : إِنَّهُ جَمْعُ قِلَّةٍ وُضِعَ مَوْضِعَ جَمْعِ الْكَثْرَةِ وَرُدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْ فِي الثَّمَرَاتِ لِلْعُمُومِ فَيَصِيرُ كَالثِّمَارِ وَلَا حَاجَةَ إِلَى ارْتِكَابِ وَضْعِ جَمْعِ قِلَّةٍ مَوْضِعَ جَمْعِ كَثْرَةٍ وَكَذَلِكَ بَيْتُ حسان السابق فإن الجفنات معرفة أل وأسيافنا مضاف ليعم.