وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: إِتْيَانُهَا قَرِيبٌ.
وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ تعالى: {بريح صرصر عاتية} وَلَمْ يَقُلْ: صَرْصَرَةٍ كَمَا قَالَ: {بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتية} لِأَنَّ الصَّرْصَرَ وَصْفٌ مَخْصُوصٌ بِالرِّيحِ لَا يُوصَفُ بِهِ غَيْرُهَا فَأَشْبَهَ بَابَ حَائِضٍ وَنَحْوِهِ بِخِلَافِ عَاتِيَةٍ فَإِنَّ غَيْرَ الرِّيحِ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْمُؤَنَّثَةِ يُوصَفُ بِهِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ به} فَفِي تَذْكِيرِ مُنْفَطِرٌ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ:.
أَحَدُهَا: لِلْفَرَّاءِ أَنَّ السَّمَاءَ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ فَجَاءَ مُنْفَطِرٌ عَلَى التَّذْكِيرِ.
وَالثَّانِي: لِأَبِي عَلِيٍّ أَنَّهُ مِنْ بَابِ اسْمِ الْجِنْسِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاحِدِهِ التَّاءُ مُفْرَدُهُ سَمَاءَةٌ وَاسْمُ الْجِنْسِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ نَحْوَ: {أعجاز نخل منقعر} .
وَالثَّالِثُ: لِلْكِسَائِيِّ أَنَّهُ ذُكِّرَ حَمْلًا عَلَى مَعْنَى السَّقْفِ.
وَالرَّابِعُ: لِأَبِي عَلِيٍّ أَيْضًا عَلَى مَعْنَى النَّسَبِ أَيْ ذَاتُ انْفِطَارٍ كَقَوْلِهِمْ امْرَأَةٌ مُرْضِعٌ أَيْ ذَاتُ رِضَاعٍ.
وَالْخَامِسُ: لِلزَّمَخْشَرِيِّ أَنَّهُ صِفَةٌ لِخَبَرٍ مَحْذُوفٍ مُذَكَّرٍ أَيْ شَيْءٌ مُنْفَطِرٌ.
وَسَأَلَ أَبُو عُثْمَانَ الْمَازِنِيُّ بِحَضْرَةِ الْمُتَوَكِّلِ قَوْمًا مِنَ النَّحْوِيِّينَ مِنْهُمُ ابْنُ السِّكِّيتِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ قَادِمٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بغيا} : كيف جاء بغيرها.
وَنَحْنُ نَقُولُ: امْرَأَةٌ كَرِيمَةٌ إِذَا كَانَتْ هِيَ الْفَاعِلُ وَلَيْسَتْ بِمَنْزِلَةِ الْقَتِيلِ الَّتِي هِيَ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ ؟ فَأَجَابَ ابْنُ قَادِمٍ وَخَلَطَ فَقَالَ لَهُ الْمُتَوَكِّلُ: أَخْطَأْتَ قُلْ يَا بَكْرُ لِلْمَازِنِيِّ قَالَ: بَغِيٌّ لَيْسَ لِـفَعِيلٍ وَإِنَّمَا هُوَ فَعُولٌ وَالْأَصْلُ فِيهِ بَغُويٌ فَلَمَّا الْتَقَتْ وَاوٌ وَيَاءٌ وسبقت إحدهما بِالسُّكُونِ أُدْغِمَتِ الْوَاوُ فِي الْيَاءِ فَقِيلَ: بَغِيٌّ كَمَا تَقُولُ: امْرَأَةٌ.