لِقَصْدِ التَّفَاوُتِ وَالتَّرَاخِي عَنِ الزَّمَانِ لَمْ يُحْتَجْ إِلَى الِانْفِصَالِ عَنْ شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ مِنْ هَذِهِ الْآيَاتِ الشَّرِيفَةِ لَا أَنْ تَقُولَ إِنَّ ثُمَّ قَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى الْوَاوِ
وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا لِلتَّرَاخِي فِي الزَّمَانِ وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْمُهْلَةِ وَتَكُونُ لِلتَّبَايُنِ فِي الصِّفَاتِ وَغَيْرِهَا مِنْ غَيْرِ قَصْدِ مُهْلَةٍ زَمَانِيَّةٍ بَلْ لِيُعْلَمَ مَوْقِعُ مَا يُعْطَفُ بِهَا وَحَالُهُ وَأَنَّهُ لَوِ انْفَرَدَ لَكَانَ كَافِيًا فِيمَا قُصِدَ فِيهِ وَلَمْ يُقْصَدْ فِي هَذَا تَرْتِيبٌ زَمَانِيٌّ بَلْ تَعْظِيمُ الْحَالِ فِيمَا عُطِفَ عَلَيْهِ وَتَوَقُّعُهُ وَتَحْرِيكُ النُّفُوسِ لِاعْتِبَارِهِ
وَقِيلَ: تأتي للتعجب بنحو: {ثم الذين كفروا بربهم يعدلون}
وقوله: {ثم يطمع أن أزيد كلا}
وَقِيلَ: بِمَعْنَى وَاوِ الْعَطْفِ كَقَوْلِهِ: {فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثم الله شهيد} أَيْ هُوَ شَهِيدٌ
وَقَوْلِهِ: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بيانه}
وَالصَّوَابُ أَنَّهَا عَلَى بَابِهَا لِمَا سَبَقَ قَبْلَهُ
وَقَوْلِهِ: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا للملائكة اسجدوا} ،
وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُودِ قَبْلَ خَلْقِنَا فَالْمَعْنَى وَصَوَّرْنَاكُمْ
وَقِيلَ: عَلَى بَابِهَا وَالْمَعْنَى ابْتَدَأْنَا خَلْقَكُمْ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ صَوَّرَهُ وَابْتَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ صَوَّرَهُ
وَأَمَّا قَوْلُهُ: {خَلَقَكُمْ مِنْ طين ثم قضى أجلا} وَقَدْ كَانَ قَضَى الْأَجَلَ فَمَعْنَاهُ أُخْبِرُكُمْ أَنِّي خَلَقْتُهُ مِنْ طِينٍ ثُمَّ أُخْبِرُكُمْ أَنِّي قَضَيْتُ الأجل كما تقول كلمتك اليوم ثم كلمتك أمس أي أني أخبرك بذالك ثم أخبرك بهذا وَهَذَا يَكُونُ فِي الْجُمَلِ،