فَأَمَّا عَطْفُ الْمُفْرَدَاتِ فَلَا تَكُونُ إِلَّا لِلتَّرْتِيبِ قَالَهُ ابْنُ فَارِسٍ
قِيلَ: وَتَأْتِي زَائِدَةً كَقَوْلِهِ تعالى: {وعلى الثلاثة الذين خلفوا} إلى قوله: {ثم تاب عليهم} لِأَنَّ تَابَ جَوَابُ إِذَا مِنْ قَوْلِهِ: {حَتَّى إذا ضاقت}
وَتَأْتِي لِلِاسْتِئْنَافِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأدبار ثم لا ينصرون}
فَإِنْ قِيلَ: مَا الْمَانِعُ مِنَ الْجَزْمِ عَلَى الْعَطْفِ؟
فَالْجَوَابُ أَنَّهُ عُدِلَ بِهِ عَنْ حُكْمِ الْجَزَاءِ إِلَى حُكْمِ الْإِخْبَارِ ابْتِدَاءً كَأَنَّهُ قَالَ ثُمَّ أُخْبِرُكُمْ أَنَّهُمْ لَا يُنْصَرُونَ
فَإِنْ قِيلَ: أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ رَفْعِهِ وَجَزْمِهِ فِي الْمَعْنَى؟
قِيلَ: لَوْ جُزِمَ لَكَانَ نَفْيُ النَّصْرِ مُقَيَّدًا بِمُقَاتَلَتِهِمْ كَتَوَلِّيهِمْ وَحِينَ رُفِعَ كَانَ النَّصْرُ وَعْدًا مُطْلَقًا كَأَنَّهُ قَالَ ثُمَّ شَأْنُهُمْ وَقِصَّتُهُمْ أَنِّي أُخْبِرُكُمْ عَنْهَا وَأُبَشِّرُكُمْ بِهَا بَعْدَ التَّوْلِيَةِ أَنَّهُمْ مَخْذُولُونَ مَنَعْتُ عَنْهُمُ النُّصْرَةَ وَالْقُوَّةَ ثُمَّ لَا يَنْهَضُونَ بَعْدَهَا بِنَجَاحٍ وَلَا يَسْتَقِيمُ لَهُمْ أَمْرٌ
وَاعْلَمْ أَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ حَرْفَ اسْتِئْنَافٍ فَفِيهَا مَعْنَى الْعَطْفِ وَهُوَ عَطْفُ الْخَبَرِ عَلَى جُمْلَةِ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ كَأَنَّهُ قَالَ أُخْبِرُكُمْ أَنَّهُمْ يُقَاتِلُونَكُمْ فَيُهْزَمُونَ ثُمَّ أُخْبِرُكُمْ أَنَّهُمْ لَا يُنْصَرُونَ
فَإِنْ قِيلَ: مَا مَعْنَى التَّرَاخِي فِي ثُمَّ؟