وَمِمَّنْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ أَبُو الْبَقَاءِ فِي الْمُحَصَّلِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ} .
قُرِئَ بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ فِيهِمَا وَالْمَعْنَى فِيهِمَا وَاحِدٌ.
وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: مَا قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ لَا يَسْتَقِيمُ وَلَا خِلَافَ عِنْدَ أَصْحَابِ الْفَهْمِ أَنَّهُ يُسْتَفَادُ الْعُمُومُ مِنْهُ كَمَا فِي الْمَبْنِيَّةِ عَلَى الْفَتْحِ وَإِنْ كَانَتِ الْمَبْنِيَّةُ أَقْوَى فِي الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ إِمَّا لِكَوْنِهِ نَصًّا أَوْ لِكَوْنِهِ أَقْوَى ظُهُورًا وَسَبَبُ الْعُمُومِ أَنَّهَا نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَتَعُمُّ.
وَقَالَ ابْنُ مَالِكٍ فِي التُّحْفَةِ: قد تكون المشبه بـ "ليس" نَافِيَةً لِلْجِنْسِ وَيُفَرَّقُ فِيهَا بَيْنَ إِرَادَةِ الْجِنْسِ وَغَيْرِهِ بِالْقَرَائِنِ هَذَا كُلُّهُ فِي الْعَامِلَةِ.
وَأَمَّا غَيْرُ الْعَامِلَةِ فَيُرْفَعُ الِاسْمُ بَعْدَهَا بِالِابْتِدَاءِ إِذَا لَمْ يُرَدْ نَفْيُ الْعُمُومِ وَيَلْزَمُ التَّكْرَارُ ثُمَّ تَارَةً تَكُونُ نَكِرَةً كَقَوْلِهِ: {لَا فِيهَا غَوْلٌ ولا هم عنها ينزفون} {لا بيع فيه ولا خلال}
وَتَارَةً تَكُونُ مَعْرِفَةً كَقَوْلِهِ: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لها أن تدرك القمر} وَلِذَلِكَ يَجِبُ تَكْرَارُهَا إِذَا وَلِيَهَا نَعْتٌ نَحْوُ: {زيتونة لا شرقية ولا غربية} .
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تسقي الحرث} فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَمْ تُكَرِّرْهَا وَقَدْ أَوْجَبُوا تَكْرَارَهَا فِي الصِّفَاتِ؟
وَجَوَابُهُ: أَنَّهُ مِنَ الْكَلَامِ الْمَحْمُولِ عَلَى الْمَعْنَى وَالتَّقْدِيرُ لَا تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا سَاقِيَةٌ لِلْحَرْثِ أَيْ لَا تُثِيرُ وَلَا تسقي