وَقَالَ الرَّاغِبُ: هِيَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَدْخُلُ فِي الْمُتَضَادَّيْنِ وَيُرَادُ بِهَا إِثْبَاتُ الْأَمْرَيْنِ بِهِمَا جَمِيعًا نَحْوُ زَيْدٌ لَيْسَ بِمُقِيمٍ وَلَا ظَاعِنٍ أَيْ تَارَةً يَكُونُ كَذَا وَتَارَةً يَكُونُ كَذَا وَقَدْ يُرَادُ إِثْبَاتُ حَالَةٍ بَيْنَهُمَا نَحْوُ زَيْدٌ لَيْسَ بِأَبْيَضَ وَلَا أَسْوَدَ.
وَمِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {لا شرقية ولا غربية} .
قِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّهَا شَرْقِيَّةٌ وَغَرْبِيَّةٌ.
وَقِيلَ مَعْنَاهُ مَصُونَةٌ عَنِ الْإِفْرَاطِ وَالتَّفْرِيطِ وَأَمَّا الدَّاخِلَةُ عَلَى الْأَفْعَالِ فَتَارَةً تَكُونُ لِنَفْيِ الْأَفْعَالِ الْمُسْتَقْبَلَةِ كَقَوْلِهِ تعالى: {إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم} .
لِأَنَّهُ جَزَاءٌ فَلَا يَكُونُ إِلَّا مُسْتَقْبَلًا.
وَمِثْلُهُ: {لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا ينصرونهم}
وَقَدْ يُنْفَى الْمُضَارِعُ مُرَادًا بِهِ نَفْيُ الدَّوَامِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ في السماوات ولا في الأرض}
وقد يكون للحال كقوله: {لا أقسم بيوم القيامة} {فلا أقسم برب المشارق} {فلا أقسم بمواقع النجوم} {فلا وربك لا يؤمنون} وقوله: {وما لكم لا تقاتلون} يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ أَيْ مالكم غَيْرُ مُقَاتِلِينَ.
وَقِيلَ: يُنْفَى بِهَا الْحَاضِرُ عَلَى التشبيه بـ "ما" كَقَوْلِكَ فِي جَوَابِ مَنْ قَالَ زَيْدٌ يَكْتُبُ الْآنَ لَا يَكْتُبُ
وَالنَّفْيُ بِهَا يَتَنَاوَلُ فِعْلَ الْمُتَكَلِّمِ نَحْوُ لَا أَخْرُجُ الْيَوْمَ وَلَا أُسَافِرُ غَدًا وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: