الْخَامِسَةُ: أَنْ تَكُونَ عَاطِفَةً تُشْرِكُ مَا بَعْدَهَا فِي إِعْرَابِ مَا قَبْلَهَا وَتَعْطِفُ بَعْدَ الْإِيجَابِ نَحْوُ يَقُومُ زَيْدٌ لَا عَمْرٌو وَبَعْدَ الْأَمْرِ نَحْوُ اضْرِبْ زَيْدًا لَا عُمْرًا وَتَنْفِي عَنِ الثَّانِي مَا ثَبَتَ لِلْأَوَّلِ نَحْوُ خَرَجَ زَيْدٌ لَا بَكْرٌ.
فَإِنْ قُلْتَ: مَا قَامَ زَيْدٌ وَلَا بَكْرٌ فَالْعَطْفُ لِلْوَاوِ دُونَهَا لِأَنَّهَا أُمُّ حُرُوفِ الْعَطْفِ.
السَّادِسَةُ: أَنْ تَكُونَ زَائِدَةً فِي مَوَاضِعَ:
الْأَوَّلُ: بَعْدَ حَرْفِ الْعَطْفِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَيْهِ النَّفْيُ أَوِ النَّهْيُ فَتَجِيءُ مُؤَكِّدَةً لَهُ كَقَوْلِكَ مَا جَاءَنِي زَيْدٌ وَلَا عَمْرٌو وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وما أموالكم ولا أولادكم}
{مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ ولا وصيلة ولا حام}
وقوله: {ولا الضالين}
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَقِيلَ: إِنَّمَا دَخَلَتْ هُنَا مُزِيلَةً لِتَوَهُّمِ أَنَّ الضَّالِّينَ هُمُ الْمَغْضُوبُ عَلَيْهِمْ والعرب تنعت الواو وَتَقُولُ مَرَرْتُ بِالظَّرِيفِ وَالْعَاقِلِ فَدَخَلَتْ لِإِزَالَةِ التَّوَهُّمِ.
وَقِيلَ: لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَطْفُ الضَّالِّينَ عَلَى الَّذِينَ
وَمِثَالُ النَّهْيِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا القلائد} فـ "لا" زَائِدَةٌ وَلَيْسَتْ بِعَاطِفَةٍ لِأَنَّهَا إِنَّمَا يُعْطَفُ بِهَا فِي غَيْرِ النَّهْيِ وَإِنَّمَا دَخَلَتْ هُنَا لِنَفْيِ احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ نَفْيَ مَجِيئِهَا جَمِيعًا تَأْكِيدًا لِلظَّاهِرِ مِنَ اللَّفْظِ وَنَفْيًا لِلِاحْتِمَالِ الْآخَرِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ النَّفْيَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا نَصًّا وَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِـ "لَا" لَجَازَ أن يكون النفي عنها عَلَى جِهَةِ الِاجْتِمَاعِ وَلَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ فَلِذَلِكَ كَانَ يَقُولُ بِبَقَاءِ الزِّيَادَةِ أَوْلَى لِبَقَاءِ الْكَلَامِ بِإِثْبَاتِهَا عَلَى حَالَةٍ عِنْدَ عَدَمِهَا وَإِنْ كَانَتْ دَلَالَتُهُ عِنْدَ مَجِيئِهَا أَقْوَى