وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السيئة} .
فَمَنْ قَالَ الْمُرَادُ أَنَّ الْحَسَنَةَ لَا تُسَاوِي السَّيِّئَةَ فَـ "لَا" عِنْدَهُ زَائِدَةٌ وَمَنْ قَالَ أَنَّ جِنْسَ الْحَسَنَةِ لَا يَسْتَوِي إِفْرَادُهُ وَجِنْسَ السَّيِّئَةِ لَا يَسْتَوِي إِفْرَادُهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ سِيَاقِ الْآيَةِ فَلَيْسَتْ زَائِدَةً وَالْوَاوُ عَاطِفَةٌ جُمْلَةً عَلَى جُمْلَةٍ وَقَدْ سَبَقَ فِيهَا مَزِيدُ كَلَامٍ فِي بَحْثِ الزِّيَادَةِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا يستوي الأعمى والبصير} .
الْآيَةَ فَالْأُولَى وَالثَّانِيَةُ غَيْرُ زَائِدَةٍ وَالثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ والخامسة زائدة.
وقال: ابن الشجري قد تجيء مؤكدة النفي فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا الَّذِي تَسْتَحِقُّهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصالحات ولا المسيء} .
لأنك لا تَقُولُ مَا يَسْتَوِي زَيْدٌ وَلَا عَمْرٌو وَلَا تَقُولُ مَا يَسْتَوِي زَيْدٌ فَتَقْتَصِرُ عَلَى وَاحِدٍ.
وَمِثْلُهُ: {وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ وَلَا الظِّلُّ ولا الحرور} {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ}
وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا هَاهُنَا صِلَةٌ لِأَنَّ الْمُسَاوَاةَ لَا تَكُونُ إِلَّا بَيْنَ شَيْئَيْنِ فَالْمَعْنَى وَلَا الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ حَتَّى تَقَعَ الْمُسَاوَاةُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ} .
وَلَوْ قُلْتَ: مَا يَسْتَوِي زَيْدٌ وَلَا عَمْرٌو لَمْ يَجُزْ إِلَّا عَلَى زِيَادَةِ لَا.
الثَّانِي: بَعْدَ أَنِ الْمَصْدَرِيَّةِ النَّاصِبَةِ لِلْفِعْلِ الْمُضَارِعِ كَقَوْلِهِ تعالى: {ما منعك ألا تسجد} .
وَقِيلَ إِنَّمَا زِيدَتْ تَوْكِيدًا لِلنَّفْيِ الْمَعْنَوِيِّ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ {مَنَعَكَ} بِدَلِيلِ الْآيَةِ الْأُخْرَى: {مَا مَنَعَكَ ألا تسجد}