ومَنْ وُفّق للدعاء لم يُحرم الإجابة.
ومن وفّق للتوبة لم يحرم القبول.
ومن وفّق للشكر لم يحرَم المزيد.
ومن وفق للصبر لم يحرم الجزاء.
ومن وفق للتوكّل لم يحرم الكفاية.
ومن وفق للعمل الصالح لم يحرم المودةَ عند الله وعِنْد خَلْقه.
ومِصداق هذا كله قوله تعالى، (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ) .
(وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ) .
(لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) .
(وجزاهمْ بما صَبَروا) .
(ومَنْ يتوكَّلْ على الله فهو حَسْبُه) .
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (96) .
فإن قلت: بيِّن لنا الاضطرار وشروط الدعاء؟
فالجواب: أنَّ الاضطرار ألاَّ تبقى فيك علاقة مع غيره سبحانه، وإن
أخلصتَ له في الدعاء وتضرعت، ورجوتَ وخِفْتَ، واستغَثْتَ به، فلا بد من إجابتك إما عاجلا فتبلغ سؤْلك أو يكفّر لك به من ذنوبك، أو يؤَخَّر لك
لمصلحتك، أو يرفع درجتك، ولعلّه يعطيك سؤْلك فتغفل عنه، وهو يحبُّ
المُلِحِّين في الدعاء.
ألاَ تسمعه سبحانه يقول لبعض الداعين: أعطوه سؤْله، فإني أكره صوته، فإجابة الدعاء في الوقت الذي يريد، لا في الوقت الذي تريد.
ورحم الله القائل:
اللهُ يَغْضب إن تَرَكْتَ سؤَاله
... وابن آدَمَ حين يُسْأل يَغْضَبُ
وقد وعدنا الله تعالى بالكرامة على أنواع من الطاعات، فأكرم الساجد
بالقربة، ودخول البيت الحرام بالأمن.
والجهاد بالجنة.
والصدقة بأضعافها.
والزكاة بالفَلاَح.
والدعاء بالإجابة، لكن العلّة منا وإلينا، وشؤْمَ نفوسنا عائدٌ
علينا، كما قال إبراهيم بن أدْهم لما قالوا له: يا أبا إسحاق، الله يقول: (ادْعوني أَسْتَجِبْ لكم) ، ونحن نَدْعوه ولا يَستَجِيب لنا، فأطْرق ساعة وقال: لأنَ قلوبَكم ماتَتْ في عشرة أشياء، فقالوا: هاتها.
قال: عرفْتمِ الله ولم تؤدّوا حقّه، وقرأتم كتابه ولم تعملوا به، وعرفتم رسولَه وتركتم سُنَّته.
وقلتم الشيطان لنا عدوّ فَوَافَقْتموه، وادعَيْتم حبّ الجنة ولم تعملوا لها.
وقلتم نخافُ النار ووهبتم لها أبدانكم.