والثاني: انتهاك الحرمة، والإقدام على العصيان.
والثالث: الإثْم والعذاب الأخْرَوِي.
قال مجاهد: إنَّ الله وعد قاتل النفس بجهنّم والخلود فيها، والغضب واللعنة.
والعذاب العظيم.
فإن قَتَل جميع الناس لم يزِدْ على ذلك.
وهذا الوجه هو الأظهر، لأنَّ القصد بالآية تعظيم قَتْلِ النفس، والتشديد فيه، ليَزْدَجِر الناس عنه.
وكذلك الثواب في إحيائها كثواب إحياء الجميع، لتعظيم الأمْرِ والترغيب فيه.
وإحْياؤها هنا إنقاذها من الموت، كإنقاذ الغريق وشبهه.
وقيل بترك قَتْلها.
وقيل بالعفو إذا وجب القصاص.
(فمَنْ تاب منْ بَعْد طلْمه) :
توبة السارق هي أن يندم على ما مضى، ويُقْلِعَ فيما يستقبل، ويردّ ما سرق إلى مَنْ يستحقّه.
واختلف إذا تاب قبل أن يصل إلى الحاكم، هل يسقط عنه القَطْع، وهو
مذهب الشافعي لظاهرِ الآية، أو لا يسقط عنه، وهو مذهب مالك، لأن
الحدودَ عنده لا تسقط بالتوبة، إلا المحارب، للنصّ عليه.
(فَتَرى الذِين في قلوبهم مَرَضٌ) :
هم المنافقون، كعبد اللَه ابن أبي بن سَلول وأصحابه.
(فعسى اللَهُ أن يأتِيَ بالفتح أوْ أَمْرٍ مِنْ عنده) :
لا يكون فيه تسبّب لمخلوق.
وقيل أَمْرٌ من الله لرسوله بقَتْل اليهود.
والفَتْح: هو ظهور النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين.
(فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ) :
مِنْ قَصْدِهم الاستعانة باليهود على المسلمين، وإضمار العداَوة للمسلمين.
(فسوف يَأتي اللَّهُ بقَوْم يحِبّهم ويحبّونه) : قرأ - صلى الله عليه وسلم - هذه
الآية، وقال لهم: قوم هذا، يعني أبا موسى الأشعري.
والإشارة بذلك - والله أعلم إلى أهل اليمن، لأن الأشعريين من أهل اليمن.
وقيل المراد أبو بكر الصدِّيق وأصحابه الذين قاتلوا أَهْلَ الردَّة.
ويقَوِّي ذلك ما ظهر من أبي بكر الصِّديق رضي الله عنه