من الجد في قتالهم، والعَزْم عليه، حتى خالف في ذلك
عزم الناس، فاشتد عزمه، ووافقوه، وأجمعوا معه حتى نَصرهم الله على أهل
الردة.
ويقوّي ذلك أيضاً أن الصفات التي وصف بها هؤلاء القوم هي في
أوصاف أبي بكر، ألا ترى قوله تعالى: (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ) ، وكان أبو بكر ضعيفاً في نفسه قوياً في الله.
وكذلك قوله: (يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ) .
إشارة إلى مَنْ خالف أبا بكر ولامة في قتال أهْلِ الردة، ولم يرجع عن عَزْمه.
فإن قيل: أين الراجع من الجزاء إلى الشرط؟
والجواب أنه محذوف، تقديره: مَن يَرتَدِدْ مِنكمْ عن دِينه فسوف يأتي الله
بقومَ.
(فَعَمُوا وَصَمُّوا) :عبارة عن تماديهم على المخالفة والعِصيان.
(فاجتَنِبوه) : نصّ في التحريم.
والضمير يعود على الرجس الذي هو خبر عن جميع الأشياء المذكورة.
(فيقُول ماذَا أجبتم) .
أي يقول الله للرسل يوم القيامة: ماذا أجابكم الأمم من إيمان وكفر، وطاعة ومعصية.
والمقصود بهذا السؤال توبيخ مَن كفَر من الأمم، وإقامة الحجة عليهم.
وانتصب ماذا بأجبتم بانتصاب مصدره.
ولو أراد الجواب لقال: ماذا أجَبْتم.
فإن قلت: يفهم من قوله تعالى: فيقول للمرسلين (ماذا أجبتم) أنه يخاطبهم
هناك، وكذا الخطاب منه سبحانه حيث وقع، كقوله لعيسى: (أأنْتَ قُلْت
للناس) ، وقد قلتم إنَّ كلامه تعالى قديم ملازم لِلذاتِ القديمة، وقول الرسل: (لا عِلْمَ لنَا) ما معناه، لأنهم علموا بمجاوبة قولهم وإنكارهم؟
والجواب أن الله يسمعهم خطابه حينئذ، لا أنه يحْدِثه، لأنه قديم قائم