(ففَهَّمْنَاهَا سلَيْمان) :
الضمير يعود على القضية المذكورة قبل هذا في الرجلين.
(فهل أَنْتم شاكِرون) :
لفظه استفهام، ومعناه استدعاء إلى الشكر.
(فنَفخنا فيها مِنْ روحِنَا) :
عبارة عما ألقاه الحق سبحانه من أَسرار آثار أسماء الأفعال، وسرى إليها من ذلك السر، فتكوَّن الولد في رحمها، وذلك الإلقاء إما بواسطة الملك المعبَّر عنه بالرّوح أو دونه، وإضافةُ الروح إلى ضميره تعالى إضافة الملك إلى المالك.
وقد كثرت الأقاويل في الروح، حتى أنهاه بعضهم إلى أربعمائة قول، ولا يعلم حقيقته إلا الله، كما قال: (مِنْ أمْرِ رَبِّي) ، أي من عجائب ربي.
وقيل: من علم ربي.
وقيل الروح آدم، (ونفخت فيه من روحي) .
وقيل جبريل، (وأيدْنَاه بروح القدس) .
وقيل الروح: الْخَلْق العظيم الذي في عالم العزّة يأمر بما يأمره الله به جميع الملائكة، وهو خلق عظيم أعظم العوالم يسبّح كلّ يوم اثني عشر ألف تسبيحة، يخلق الله من كل تسبيحةٍ ملكاً يجيىء يوم القيامة صفاً واحداً، فذلك قوله: (يوم يقوم الرّوحُ والملائكةُ صفًّا) .
فإن قلت: لم أنث الضمير هنا وذكّره في التحريم، مع أن القصة واحدة؟
والجواب أنه لما كان المقصود في سورة " اقتربت " ذكْرها وما يؤُول إليه
أمرها حتى ظهر ابنها وصارت هي وابنها آية، وذلك لاَ يكون إلا بالنَّفْخِ في
جملتها خُصَّت بالتأنيث، وما في التحريم مقصور على ذِكْرِ إحصانها
وتصديقها بكلمات ربها، وكان النفخُ في جميعها وهو مذكَّر، فلذا قال:
(فيه) .
وأيضاً فهنا أنَّث بعد ذكر جملة من الأنبياء والرسل بخصائص عليَّة، وآياتٍ
نبوية ناسب ذلك ذكر مريم وابنها بما منحا.
وأما آية التحريم فمقصود فيها ذِكر