(فارَ التّنُّور) :
يعني بالماء، ولمّا أخبرته امرأتُه بوجود الماء فيه ركب هو وأهلُه السفينة، وكان هذا التّنور لآدم، فخلص إلى نوح.
واختلف في موضعه، والصحيح أنه كان في مسجد الكوفة، وقيل بدمشق.
(فكان من الْمُغْرَقين) :
الضمير يعود على ابن نوح، لمّا لم يسمع قولَ أبيه أغرقه الله ببوله، وذلك أنه اتخذ قارورة وأدخل فيها نفسه لظنّه أنه يَنْجو (1) ، فأظهر الله مَوْجَ القدرة، وحال بينه وبين ولده، وكذلك الكافر في خروجه من الدنيا يظهر له موج الشقاوة، فيحول بينه وبين ما يشتهيه من قبول العذر والإقرار بالوحدانية، كما قال تعالى: (وحِيلَ بينهم وبين ما يَشْتَهُون) ، كذلك العبد العاصي يدعو ربَّه بالندامة، فيظهر له موج الرحمة، فيحول بين صرفته ومعصيته، وتَبْقى صرفته، وذلك قوله تعالى: (يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءَ وقَلْبه) .
وفي الخبر أن نوحاً قال: يا رب، أنت وعدتَني بنجاةِ أهلي وإنَّ ابني من
أهلي، فأوحى الله إليه: إنه ليس من أهلك الذين وعدتُكَ بنجاتهم، وقد
وافقتك في دعائك على الكفار، أفلا تُوافقني أنْتَ في واحد هو ابنك بعد أن
قلْتُ لك: إنه ليس من أهلك! كأنه سبحانه يقول: عبدي، أسلمت إليكَ الدنيا بأسرها عاجلاً، والعُقْبى آجلاً موافقة لسؤالك وإجابة لدعائك، أفلا تسلم لي واحداً من أعضائك، وهو القلب، فأكون لك نعم الرب!
(فلا أنسابَ بَيْنَهم) ، يعني في الآخرة، لأن كلً واحد
منهم مشغول بنفسه، وكل منهم يفرُّ من أبناء جنسه، مخافةَ أن يتعلق بشخصه، قال تعالى: (يوم يَفِر الْمَرءُ من أخيه) .
(فَرضْنَاها) ، أي فرضنا الأحكامَ التي فيها.
وقرئ بالتشديد مبالغة.
(فاجْلِدوا كلَّ واحدٍ منهما مائةَ جَلْدَةٍ) ، ليس على عمومه.