كونها علّل بها الصبر لحكم ربه صريحاً في قوله: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا (23) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ) .
قال: وقوله في سفينة نوح:
(تجري بأعيننا) ، أي بآياتنا، بدليل قوله: (وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا) .
وقال: و (لتُصْنَعَ على عَيْني)
أي على حكم آيتي التي أوحَيْتُها إلى أمّك: (أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ) . انتهى.
وقال غيره: المراد في الآيات كلاءته وحفظه.
ومن ذلك اليد في قوله تعالى: (لما خَلَقْتُ بيديّ) .
(يَدُ الله فوق أيديهم) ، (مما عملت أيدينا) .
(وأن الفضل بيد الله) ، وهي مؤولة بالقدرة.
وقال السهيلي: اليد في الأصل كالمصدر عبارة عن صفة لموصوف، ولذلك
مدح سبحانه بالأيدي مقرونة مع الأبصار في قوله: (أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (45) .
ولم يمدحهم بالجوهار، لأن المدح إنما يتعلق بالصفات لا بالجواهر.
قال الأشعري: إن اليد صفة ورد بها الشرع.
والذي يلوح من معنى هذه الصفة أنها قريبة من معنى القدرة، إلا أنها
أخص، والقدرة أعم، كالمحبة مع الإرادة والمشيئة، فإن في اليد تشريفاً لازماً.
وقال البغوي في قوله: (بيديّ) : في تحقيق الله التثنية في اليد دليل على أنها
ليست بمعنى القدرة والقوة والنعمة، وأنهما هنا صفتان من صفات ذاته.
وقال مجاهد: اليد هاهنا صفة وتأكيد، لقوله: (ويَبقَى وَجْهُ رَبِّك) .
قال البغوي: وهذا تأويل غير قوي، لأنها لو كانت صفة لكان لإبليس أن
يقول: إن كنت خلقته فقد خلقتني، وكذلك في القدرة والنعمة لا يكون لآدم في الخلق مزِيَّة على إبليس.