وقال ابن اللبان: فإن قلت: فما حقيقة اليدين في خلق آدم، قلت: الله أعلم بما أراد، ولكن الذي استفسرته من تدبر كتابه أن اليدين استعارة لنور قدرته القائم بصفة فضله ولنوره القائم بصفة عدله، ونبه على تخصيص آدم وتكريمه بأن جمع له في خلقه بين فضله وعدله، قال: وصاحبة الفضل هي اليمين التي ذكرها في قوله: (والسماواتُ مَطْوِيًاتٌ بيمينه) .
ومن ذلك قوله تعالى: (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ) .
ومعناه عن شدة وأمر عظيم، كما يقال: قامت الحرب على ساق.
وأخرج الحاكم في المستدرك من طريق عكرمة، عن ابن عباس - أنه سئل عن قوله: (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ) .
قال: إذا خَفِي عليكم شيء من القرآن فابتغوه في الشعر، فإنه ديوان العرب، أما سمعتم قول الشاعر:
اصبر عَنَاق إنه شَرّ باقْ
... قد سنَّ لي قَوْمُك ضَرْبَ الأعناقْ
وقَامَتِ الحربُ بِنَا على ساقْ
قال ابن عباس: هذا يوم كرب وشدة.
ومن ذلك صفة الفوقية في قوله: (وهو القاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ) .
(يخافُون رَبهُمْ مِنْ فَوْقهم)
المراد بها العلو من غير جهة.
وقد قال فرعون: (وإنا فَوْقَهُم قَاهِرون) .
ولا شك أنه لم يرد العلو المكاني.
ومن ذلك صفة المجيء في قوله: (وجاء ربُّك) الفجر: 23.
أو يأتي رَبُّك، أي أمره، لأن الملك مجيء بأمره أو بتسليطه، كما قال تعالى: (وهم بأمره يَعْمَلُون) ، فصار كما لو صرح به.
وكذا قوله: (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ)
: أي اذهب بربك، أي بتوفيقه وقربه.
ومن ذلك صفة الحب في قوله: (يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) .
(فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) .