إذا فرغت من الفرائض فانْصَبْ في النوافل.
وقيل: إذا فرغت من الصلاة فانْصَبْ في الدعاء.
وقيل: إذا فرغت من شغْل دنياك فانصب في عبادة ربك.
(فارْغَبْ) :
إنما قدم المجرور في (إلى ربك) ليدلَّ على الحصر، أي لاَ ترغب إلا إلى ربك وحْدَه.
وفي هذا إشارة إلى عدم الركون للخلق، فإن الركونَ إليهم وحشة والالتجاء إليهم إعراض عن الحق.
وقد قدمنا من هذا المعنى كثيراً.
(فلهم أجْر غير مَمْنون) :
أي غير منقوص، يقال: مننت الحَبْلَ إذا قطعته.
وقال مجاهد: غير محصور، لأن كلّ مَحْسوب محصور، فهو
معدّ لأن يمنَّ به.
ويظهر في الآية أنه وصفه بعدم المنِّ والأذَى من حيث هو من جهة الله
تعالى، فهو شريف لا منَّ فيه، وأعطياتُ البشر هي التي يدخلها المنُّ.
قال السدي: نزلت هذه الآية في المَرْضَى والزمناء إذا عجزوا عن إكمال الطاعات كتب لهم من الأجر ما كانوا يعملون.
فإن قلت: أيّ حكمة في الإخبار بهذا، ولم زيدت هنا الفاء، وحذفت من
آية الانشقاق، وفصِّلَتْ؟
والجواب إنما زيدت لمراعاة الفاء التي بعدها، وفائدة تكرير هذه الآية
والإخبار بها للتأسي والتخلّق بأفعال الحق في عدم مَنِّه، لأنَّ المنَّ يكدِّرُ الإحسانَ ويذهب بلذّته، ولذلك قال تعالى: (لا تبْطِلوا صدقَاتِكم بالمَنِّ والأذَى) .
قال المفسرون: المنُّ أن يذكره، والأذى أن يظهره.
وقال - صلى الله عليه وسلم -:
" لا تأكل طعام المنَّان، فإنه داء ". . . إلى غير ذلك من الأحاديث مما يطول
ذكرها.
(فمن يعمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه) :
قد قدمنا في حرف الميم ما في هذه الآية وتسميتها بالجامعة الفاذة، ولما نزلت هذه السورة بَكى أبو بكرٍ