والجواب لأنه تقدَّمَها قوله: (قال الملَأ من قوم فرعون) ، فعرفت هذه الآية أنهم كانوا متولّين للتجربة من تكذيب الآية، ورَدّ ما جاء به موسى عليه، ولم يجر هنا ذِكر لفرعون ولا فيما يلي الآية َ ويَتْلوها من المجاورة والمراجعة بين الملأ وأتباعهم إلى قوله: (رَبِّ موسى وهارون) ، فلما لم يقع إفصاح باسمه في هذه الجملة مع أنه ليس القائل على كل حال: (آمنتم به) غير فرعون وإنْ بَعُدَ ذلك، ولو لم يكن ليس ألبتة، فإن كونه لم يجْرِ له ذِكر مما يقتضي أن يذكر.
ولما تقدم في سورة طه أَمْر موسى عليه السلام بإرساله إلى فرعون في قوله
تعالى: (اذهَب إلى فرعونَ إنه طَغَى) ، وقوله لموسى وهارون:
(اذهبا إلى فِرعَوْن إنه طَغَى) ، ثم كرر ذلك، ثم وقع بعد ذلك
سؤال فرعون لهما في قوله: (فَمنْ رَبُّكما يا موسى) ، فتكرّرُ اسم
فرعون ظاهر ومضمر، ولم يجرِ للملأ به ذِكْراً مفْصِحاً به ظاهراً ألبتَّة ولا
مضمراً سوى الجاري مضمراً في قوله: (فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى (62) قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ) ، إلى ما بعد هذا - من غير إظهارِ ألبتَّة، فلتكرر اسم فرعون كثيراً ظاهراً ومضمراً، وارتفاع اللبْس ألبتَّة، حَسُن إتْيَانه مضمراً في قوله: (قال آمنتم له) ، إذ ليس الوارِد هناك كالوارِد في الأعراف للافتراق من حيث ما ذكرنا.
(قد جاءكم الفَتْح) :
إن كان الخطاب للكفّار فالفَتْح هنا بمعنى الحكم، أي قد جاءكم الفتح الذي حكم الله عليكم بالهزيمة والقَتْل والأسر، وإن كان الخطاب للمؤمنين فالفَتْح هنا يحتمل أن يكونَ بمعنى الحكم، لأنَّ الله حكم لهم.
أو بمعنى النصر.
(قالوا: سمِعنَا وهم لا يسمعون) :
أي سمعنا بآذاننا، وهم لا يسمعون بقلوبهم، فسماعُهم كَلَا سَماع.