والجواب: أنَّ التمدح بالماء معلوم عند الناس، لأنه أصل كلِّ لشيء.
وحُكي أنَّ بعض ملوك الروم كان يهْدِي لمعاوية ويُهاديه معاوية، فطلب مرة
من معاوية أن يبعثَ له بأصل كل شيء، فاستشار معاوية خواصَّه، فأشار إليه
عبد الله بن عباس بأنْ يبعثَ له قارورة مملوءة بالماء، فلما بعثها له قال له الرومي:
ما أشار عليكَ بهذا الأمر إلا مَنْ فيه عضو من النبوءة.
(واستفتحوا) :
الضمير للرسل، أي استنصروا بالله.
وأصله طلب الفتح، وهو الحكم.
(ويُسْقَى من ماءٍ صَدِيد) :
معطوف على محذوف، تقديره من ورائه جهنم يُلْقَى فيها ويُسْقى، وإنما ذكر السقي تجريدا بعد ذكر جهنم، لأنه من أَشدّ عذابها، ألا ترى كيف علّله بقوله: (وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ) ، لأن اللهَ قضى عليهم ألاَّ يموتوا، فسبحان من حبس أرواحهم مع هذه الكربات.
(وفَرْعُها في السماء) :
الضمير يعود على الشجرة التي أصْلُها ثابت.
وقرئ: ثابت أصلُها، والقراءة المشهورة أبلَغ، لأن " ثَابث أصْلهَا " صفة
رفعت الفاعل، فهي في معنى الفعل، وأصلها ثابت مبتدأ وخَبر، فليس في معنى الفعل، والإخبارُ بالاسم عندهم أبْلَغُ من الإخبار بالفعل، فلذلك كان زيد أبوه قائم أبلغ من زيد قائم أبوه.
فإن قلت: كيف عَبَّر عن الكلمة الطيبة بالفعل، وعبَّر عن الكلمة الخبيثة
بالاسم فرفع؟
والجواب: المؤمن له حالتان: انتقل مِن الكفر إلى الإيمان، والكافرُ له حالة
واحدة ثبت عليها، ولم ينتقل عنها، فلذلك عَبَّر عن مثله بالاسم.
وقد قدمنا أنَّ أصحاب الشجرة أربعة.
(وأنزل من السماء ماء) : كلّ ما علاَكَ يسمى سماء، وسمي