السحاب سحاباً لعلوِّه، وهذا جارٍ على الخلاف في المياه على ما قدمنا، هل هي من السماء، أو هي من بخارٍ لطيف يصعَد من البحار فيتكوّن منه السحاب، والصحيح الوقف.
(وسَخَّر لكم الفُلْكَ لتَجْرِيَ في البحر بأمْرِه) :هذا مثل: (ولا طائر يطير بجناحيه) ، لأن جَرْيَها ليس إلا في البحر، وجَرْيها في البحر لا يقع إلا بإذن الله.
فإن قلت: ما فائدة قوله: (بأمره) مع أنه معلوم؟
والجواب: لما كان لجَرْيِها أسبابٌ في محاولة البحر وخدمة النواتية ربما يُتَوَهم
أنّ جَرْيها بسبب ذلك، فاحترس منه بقوله: (بأمره) ، وبهذا تفهم الحكمةَ في إدخال اللام في قوله في الواقعة: (لو نشاء لجَعَلْنَاهُ حُطَاماً) ، دون إدخالها في قوله: (لو نشاء جعلناه أجَاجاً) ، لأن الأول فيه لابن آدم تسبب ومحاولة، فقد يتوهّم أن ذلك من فعلهم، بخلاف الماء فإنهم لا تسبّب لهم في كونه حُلْواً.
(وآتاكمْ مِنْ كل ما سَألْتُموه) :
مِنْ للتبعيض، و (كلِّ)
للعموم، ومتعلقهما مختلف، فالعموم في الأنواع، والتبعيض في أنواع تلك
الأشخاص، أي وآتاكم بَعْضَ كلَّ نوع مما سألتموه.
(وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا) :إفراد النعمة من باب التنبيه بالأدْنى على الأعلى، بمعنى أنَّ الإنسانَ لا يستطيع إحاطة جزئيات النعمة الواحدة، فأحرى ما هو أكثر.
و (نعمة) مصدر محدود بالتاء، فليس المراد به الجنس، بل هو مفرد حقيقة، بدليل أن المصدر المحدود بالتاء يجوز تَثْنيته وجَمْعه، بخلاف المبهم.
فإن قلت: الشرط لا يكون مناقِضاً للجزاء، فلا تقول: إن قام زيد لم يقدر
على القيام، والعدُّ هو عين الإحصاء؟