(وليَعْلَموا أنما هو إلهٌ وَاحد) .
الآية: تفيد أنَّ الوحدانية تثبت بالسمع، وهو أحَذ القولين عند الأصوليين، وأتَتْ هذه الآية بالتعري من تاء التفعل لتقدُّمها قوله تعالى: (ولِيُنْذَرُوا به ولِيَعْلَموا) ، وقد عريت الكلمتان من حروف الشدة، فعطف عليه:
(ولِيَذكَّرَ) ، لأن جميعها من الرخوة بخلاف آية (ص) ، فإن قبلها
(لِيَدَّبَّرُوا) ، وفيه حرفان من حروف الشدة، فناسبهما: " وليتذكر ".
والتناسب واضح.
(وما بكم من نِعمةٍ فمِنَ الله) : نبَّه اللهُ عبادَه بهذه الآية
مؤمنهم وكافرهم على أنْ يشكروه ويتأدبوا معه.
ويؤخذ منها أنَّ الكافر منْعَمٌ عليه، وقيل غير منعم عليه، للآية: (أنما نمْلِي لهم ليَزْدَادوا إثْما) .
وقيل منعم عليه في ظاهر حاله في الدنيا، وغير مُنْعم عليه في عاقبته ومآله، وتنكير (نعمة) للعموم لا للتقليل، إذ لا يوصف عطاء الله بالقلة، وقوله: (ثم إذا مَسَّكم الضرَّّ فإليه تجأرون) :
المهلة معلومة، لبعد ما بين غفلة الإنسان وذهوله من النعمة، وما بين تضرّعه وذلته زمَن الضر، كقوله:
وما يَكْشِفُ الغَمَّاءَ إلاَّ ابنُ حُرَّةٍ
... يَرَى غَمَراتِ الموتِ ثم يَزورُها
ويحتمل أن تكون الواو للاستئناف أو للحال، فيكون الكلامُ متصلاً بما
قبله، أي كيف تتّقُون غَيْرَ الله وما بكم من نعْمةٍ فمنه وحْدَه، وبهذا يظهر لك تناسب الآيات.
(واتّبعْ أدبارهم) ، أي كن خَلْفَهم وفي ساقتهم حتى لا يبقى منهم أحد، وليكونوا قُدّامه، فلا يشتغل قَلْبه بهم، ولو كانوا وراءَه
لاشتغل لخوْفِه عليهم، وبهذا يَظْهَر لك رحمةُ لوط بقومه الذين آمنوا معه.
(واللَهُ يعلم ما تسِرون وما تعْلِنون) :
لما تقدم هذه الآية: