(وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) .اعتبربما أعطِى الله سليمانَ من الجند، واختلف في عسكره اختلافاً كثيراً، فقيل كان مائة فرسخ في مائة: خمسة وعشرون للإنسِ، وخمسة وعشرون للجن، وخمسة وعشرون للطير، وخمسة وعشرون للوحش، وكان له ألف بيت من قوارير على الخشب فيها ثلاثمائة منكوحة وسبعمائة سرية، وقد نسجت له الجنّ فسطاطاً من ذهب وإبريسم فرسخ في فرسخ، وكان يوضع منبره في وسطه، وهو من ذهب، فيقعد عليه وحَوْله ستمائة ألف كرسي من ذهب وفضة، فيقعد الإنسُ والجن على الكراسي وحَوْلَهم الناس، وتظلّهم الطير بأجنحتها، وترفع رِيح الصبا البساط، فتسير مسيرةَ شهر (1) .
ويروى أنه كان يأمر الريح العاصف تحمله ويأمر الرُّخَاء تسيّره، فأوحى اللهُ
إليه وهو يسير بين السماء والأرض: إني قد زدت في مُلْكك، لا يتكلم أحد بشيء إلا ألْقَتْه الريح في سمعك.
فيحكى أنه مَرَّ بحرَّاث، فقال: لقد أوتي آلُ داود مُلْكاً عظيما، فألقى الريحُ في أذنه، فنزل ومشى إلى الحرّاث، وقال: إنما مشيتُ إليك لكيلاً، تتمنّى ما لا تقدر عليه! ثم قال: لتَسْبِيحةٌ واحدة يَقْبَلُها الله خير مما أوتي آل داود.
وروي أنه سمع قولَ النملة من ثلاثة فراسخ، وكان يفهم كلامَ الطيور
ومعانيها وأغراضها، وهذا نحو ما كان نبينا ومولانا محمد - صلى الله عليه وسلم - يسمعُ أصواتَ الحجارة بالسلام.
ويحكى أن سليمان مَرَّ على طائر في شجرةٍ يحرك رأسه ويميل ذنبه، فقال
لأصحابه: أتَدْرون ما يقول، قالوا: الله ونبيه أعلم.
قال: يقول أكلْتُ نصفَ تمرة، فعلى الدنيا العفاء.
فإن قلت: الظاهر من قول نبينا ومولانا محمد - صلى الله عليه وسلم - في خبر العفريت الذي عرض له في صلاته فأخذه وأراد أنْ يُوثقه في سارية من سَوَاري المسجد، فقال: