فقال ابن عباس: إذا نزل القَدَر عَمِي البصر.
قال الزمخشري: وكان السبب في تخلفه عن سليمان عليه السلام أنه حين نزل
سليمان عليه السلام حلّق الهدهد، فرأى هُدْهداً واقعاً، فوصف له مُلكَ سليمان وما سخّر له، وذكر له ملك بلقيس، وأن تحت يدها اثني عشر ألف قائد تحت يد كل قائد مائة ألف، فذهب له لينظرَ فما رجع إلاَّ بعد العصر، فدعا سليمان عريفَ الطير وهو النسر، فلم يجد عنده عِلمه، ثم قال لسيد الطير - وهو العقاب: عليَّ به، فارتفع ونظر فإذا هو مُقْبل، فقصده، فناشده وقال له: بالذي قَواك عليَّ وأقدرك إلا رحمتني، فتركه، وقال: ثكلَتْكَ أمُّك، إن نبيَّ الله حلف ليعذبنك.
قال: وما استثنى، قال: بلى.
قال: أوليأتِيَني بسلطان مبين.
فلما قرب من سليمان أرْخَى ذنبَه وجناحيه يَجُرهما على الأرض تواضعاً له، فلما دنا منه أخذَ رأسه فمدَّه إليه، فقال: يا نبي الله، اذكر وقوفَك بين يدي الله خاضعاً ذليلاً.
فارتعد سليمان وعفَا عنه، ثم كان تعذيبه لمن خاف أمْرَه من الطير أن ينتف ريشه ويشمسه.
وقيل يلقيه للنمل يأكله.
وقيل إيداعه القفص.
وقال الهدهد: يا نبي الله، كنت تعذِّبني العذابَ الشديد، قال: أفَارقك من إلْفِكَ وأجعلك تعاشر الأضداد.
فإن قلت: لِمَ أُبيح له تعذيبُ الهدهد؟
قلت: يجوز أنْ يبيح الله له ذلك كما أباح ذَبْحَ البهائم والطيور للأكل وغيره
من النافع.
قال عِكرمةُ -: إنما صرف سليمان عن ذَبْح الهدهد للخبر الذي أتى به
من أمْر بلقيس.
وقيل: لأنه كان بارًّا بأبويْه ينقل الطعامَ إليهما فيزقّهما (1) .
وحكى القزويني أنَّ الهدهد قال لسليمان: أريد أن تكونَ في ضيافتي.
فقال: أنا وَحْدي، قال: لا، أنت وعسكرك في جزيرة كذا في يوم كذا، فحضر