(يستَمِعُون القولَ فيتّبعُون أحْسنَه) :
يعني يستمعون القولَ على العموم فيتبعون بأعمالهم أحسنَه، من العفو الذي هو أحسنُ من الانتصار، وشِبْه ذلك.
وقيل: هو الذي يسمع حديثاً فيه حسَنٌ وقبيح، فيحدّث بالحسن
ويكفُّ عما سواه.
وهذا قول ابن عباس، وهو الأظهر.
وقال ابن عطية: هو عام في جميع الأقوال.
والقَصْدُ الثناء على هؤلاء ببَصَرٍ ونظر سدِيد يفرِّقون به بين الحق
والباطل، وبين الصواب والخطأ، فيتبعون الأحسن من ذلك.
(ينابيع) :
جمع ينبوع، وهو العين.
(يهيج) :
ييبس، لقوله: (فتراهُ مُصْفَرًّا) .
(يُرِيكم آياتِه) :
يعني العلامات الدّالة على مخلوقاته ومعجزات رسله.
(يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) .
من أعظم آيات الرجاء، لسؤال الملائِكة لهم بالرحمة والجنّة.
فإن قلت، حَمَلَةُ العرش والملائكة كلهم مؤمنون به سبحانه، فما فائدة
الإخبار بقوله: (وَيُؤْمِنُونَ بِهِ) ؟
والجواب: إظهاراً لفضيلة الإيمان وشرَفه، والترغيب فيه، كما وصف الأنبياءَ في غير ما موضع من كتَابهِ بالصلاح، كقوله: (ونَبِيّا من الصالحين) .
ومعلوم أن الأنبياء من أهل الإيمان والصلاح، وكما أعقب أعمالَ الخير بقوله: (ثم كان مِنَ الذين آمَنُوا) ، فأبانَ بذلك فَضْل الإيمان.
وقد ذكر الزمخشري أن فيه فائدةً أخرى، وهي أنَّ معرفة حملة العرش بالله تعالى من طريق النظر والاستدلال كسائرِ الخلق لا بالرؤية، وهذه نزعةٌ منه إلى مذهب المعتزلة في استحالة رؤْية الله تعالى.
وتأمَلْ يا محمديّ إلى عظيم التناسب المرعيّ بين قوله: (وَيُؤْمِنُونَ بِهِ) ،