(تَنهَر) : من الانتهار والزجر، فالنهى عنه أمر بالقول
الحسن والدعاء للسائل، كما قال: فقُلْ لهم قولاً ميسورا.
(تَبَتْ) : أي خسرت.
(تُغْمضوا) : من قولك أغْمَض فلان عن بعض حقّه إذا لم يستوفه.
وأغمض بصره.
ومعنى الآية: لستم بآخذين الخبيث من الأموال ممن
لكم قبَله حقَّّ إلاَّ عَلَى إغماض أو مسامحة، فلا تؤدوا في حق الله ما لا ترضون مثله من كرمائكم.
ويقال تغمضوا فيه، أي ترخصوا فيه.
ومنه قول الناس للبائع: أغْمض وغَمّض، أي لا تستنقص، وكن كأنك لم تبصر.
(تبْدُوا ما في أنفسكم أو تُخْفُوه) : الإبداء الظهور، والإخفاء ضده.
ومقتضى الآية المحاسبة على ما في نفوس العباد من الذنوب سواء
أبدوه أو أخفوه، ثم المعاقبة على ذلك لمن شاء الله، أو الغفران لمن شاء الله.
وفي ذلك إشكال لمعارضته للحديث: إن الله تجاوز لأمي ما حدَّثت به أَنْفُسها.
ففي الحديث الصحيح عن أبي هريرة أنه لما نزلَتْ شقّ ذلك على الصحابة.
وقالوا: هلكنا إنْ حُوسِبْنَا بخواطر أنْفُسنا.
فقال لهم - صلى الله عليه وسلم -: " قولوا سمِعْنا وأطَعْنَا".
فقالوها، فأنزل الله بعد ذلك: (لا يُكلِّف الله نَفْسا إلا وُسْعَها) ، فكشف عنهم الكربة، ونسخ بذلك هذه الآية.
وقيل: هي في معنى كتْم الشهادة وإبدائها، وذلك مُحَاسَب به.
وقيل يحاسب الله الخَلْق على ما في نفوسهم، ثم يغفر للمؤمنين ويعذِّبُ الكافرين والمنافقين.
والصحيح التأويل الأول لوروده في الصحيح.
وقد ورد أيضاً عن ابن عباس وغيره.
فإن قيل: الآية خبر، والأخبار لا يدخلها النسخ.
فالجواب أنَّ لفظ الآية خبَرٌ ومعناها حكم.
(تُولج اللَّيْلَ) : تدخل هذا في هذا، فما زاد في واحد
نقص من الآخر مثله.