(مَدْين) : اسم أرض قوم شُعيب، كانوا يبْخَسونَ
الكيْلَ والوَزْنَ، فبعث الله لهم شعَيباً ليَنْهاهم عن ذلك.
فإن قلت: هل المراد به الأيكة المذكورة في الشعراء، ومعناها
الغَيْضَة، ولم قال في الأعراف أخوهم كما قال في قصة نوح وحذفه من الشعراء، فدل على أنهم قبيلتان؟
والجواب أنه بُعث إلى مَدْيَن، وكان من قبيلتهم، فنسبه إلى إخوتهم، وبعث
أيضاً إلى أصحاب الأيكة، ولم يكن منهم، فلذلك لم يقل أخوهم، فكان شعيب على هذا مبعوثاً إلى القبيلتين.
وقيل: إن أصحَاب الأيكة مَدْين، ولكن قال أخوهم حين ذكرهم باسم
قبيلهم، ولم يقلْ أخوهم حين نسبَهم إلى الأيكة التي هلكوا فيها، تنزيهاً لشعَيْبِ عن النسبة إليها.
وقرئ الأيكةِ بالهمز وخفض التاء مثل الذي في الحِجْرَ، و (ق) ، ومعناه الغَيْضَة كما قدمنا.
وقرئ في الشعراء بفتح اللام والتاء، فقيل: إنه مسهَّل من الهمز.
وقيل إنه اسمُ بلدهم.
ويقَوِّي هذا على القول إن هذه القراءة بفتح التاء غير منصوب، فدلّ ذلك على أنه اسم علم.
وضَعَّفَ ذلك الزمخشري، وقال: إنَّ " ليكة " اسم لا يُعْرف.
(ما قَدَرُوا اللَهَ حَقَّ قدْرِه) : أي ما عرفوه حقَّ معرفته في
اللّطْف بعباده والرحمة لهم، إِذْ أنكروا بعثةَ الرُّسل وإنزاله الكتب.
والقائلون: (ما أنْزَلَ اللهُ على بَشَرٍ مِنْ شَيْء) ، هم اليهود، بدليل ما
بعده، وإنما قالوا ذلك مبالغة في إنكار نبوءة نبينا ومولانا محمد - صلى الله عليه وسلم -.
ورُوِي أنَّ الذي قالها منهم مالك بن الصَّيْف، فرد الله عليهم بأن ألزمهم ما
لا بد لهم من الإقرار به، وهو إنزال التوراة على موسى.
وقيل القائلون قريش وألزموا ذلك، لأنهم كانوا مقرين بالتوراة.