واختفاء، أو الشياطين منهم.
فقال: الجن أجسام لطيفة والإناء اللطيف الشفاف
يُرَى ما في باطنه من ظاهره بخلاف الناس، فإن أجسامهم كثيفة، فكان العلم بما في قلوبهم أبلغ، فلذلك ذكرهم ليدل ذلك على العلم بأسرار الجن من باب أحْرى.
(مسْتَخْفٍ بالليْلِ وسَارِبٌ بالنهار) .:
المسْتَخْفِي بالليل هو الذي لا يظهر.
والسارب: المنصرف في سَرْبه - بفتح السين، وقصد في هذه
الآية التسوية بينهما في اطِّلاَع الله عليهما مع تَبَاين حالهما.
وقيل: إنهما صفتان لموصوف واحد، يستخفي بالليل ويظهر بالنهار.
ويعضد هذا كونه قال: وسارب بالنهار - بعطفه عطف الصفات، ولم يقل ومَنْ هو ساربٌ بتكرار مَنْ، كما قال: (من أسَّر القول ومَنْ جهر به) ، إلا أنَّ جعلهما اثنين أرجح ليقابل من أسر القول ومن جهر به، فيكمل التقسيم إلى أربعة.
وعلى هذا يكون قوله: (وسَارِبٌ) عطف على قوله: مَنْ هو مستَخْفٍ، لا على مستخف وَحْدَه.
(معَقَبَاتٌ مِنْ بيْنِ يَدَيْهِ ومِنْ خَلْفه) :
أي جماعات تعتقب في حفظه وكلاءته.
وقيل: أذكار وتسبيحات ودعوات.
وردَّه ابن عرفة بأن المجموع بالألف والتاء إذا كان مكسرا يشترط فيه العقل إذا لم تكسِّرْه الرب كجماعات، ولهذا حكى الزمخشريّ فيه معاقيب.
فإن قلت: الوارد في الحديث أن الحفظة مَلك عن اليمين وملك عن الشمال
فكيف قال: من بين يديه ومن خلفه؟
فالجواب من وجهين:
الأول: أن من لابتداء الغاية، فينزلون من أمامه ومن خلفه لعمارة يمينه
وشماله بالحفظة الأول، ثم تصعد الحفظة الأوَل ويستقرّون هم عن يمينه وشماله.
الثاني: أن الضرر اللاحق للإنسان من أمامه وخلفه أصعب عليه وأشقُّ، فما
هو من أمامه يأتيه مصادرة وإليه يهرب.
ألا ترى قوله تعالى: