(قل إنَّ الْمَوْتَ الذي تَفِرّونَ منه فإنّه ملاَقِيكم) .
وما هو من خلفه يأتيه من حيث لا يشعر فحِفْظُ هاتين الجهتين آكد من غيرهما.
فإن قلت: هل هؤلاء المعقّبات للجنّ والإنس أو للإنْس خاصة؟
فالجواب أن الضمير يعود على من أسرَّ القولَ ومَنْ جهر، ومن استَخْفَى وظهر، يحفظونه من عقوبة الله إذا أذنب بدعائهم واستغفارهم.
(مَنْ في السماواتِ والأرْض) :
لا تقع (مَنْ) إلَّا عَلَى مَنْ يعقل، فهي هنا يراد بها الملائكة والإنس والجن.
(ما لهم مِن دونه مِنْ وَال) :
أي من شفيع في رفع العذاب عنهم، فهو تأسيس.
وقوله: (فلا مردّ له) ، أي لا دافع عنه
ابتداء قبل وقوعه بهم، ولا ناصر لهم يرفعه عنهم بعد وقوعه.
(مَنْ رَبّ السماواتِ والأرض) :
أمره الله أن يقول لهم هذا القول، لأنهم لا يجدون بدًّا من قولهم: الله، كما قال تعالى: (ولئن سألْتَهُمْ مَن خلقهم ليقولُنَّ الله) ، ولذا حصل تبْكِيتهم بقوله تعالى: (قل أفاتَّخَذْتم مِن دونِه أوْلياءَ) .
والمعطوف عليه مقدَّر، أي كفَرْتم فاتخذتم.
فإن قلت: لِمَ قال من دونه، وهم اتخذوهم شركاء مع الله؟
والجواب: إنا إن نظرنا إلى نفس اتخاذهم وليًّا وناصراً بالنوع فلا شك أنهم
شركاء في وصف النصرة والولاية بين الله وغيره، وإن نظرنا إلى اتخاذهم وليّا
وناصرا بالشخص فلا شك أن هذا لا يصحّ فيه الشركة.
وقد ذكر ابن التلمساني في مسألة الصلاة في الدار المغصوبة أن الواحد
بالشخص لا يصح انقسامه إلى مأمور ومنهيّ، والواحد بالجنس أو النوع يصح فيه ذلك.
ومثّلَه بالسجود للهِ والسجود للصنم.
فإن قلت: لِمَ قدم المجرور على أولياء، والأصلُ تقديم المرفوع ثم المنصوب ثم
المجرور؟
والجواب لأنه أضِيفَ إلى ضمير الله.