والْمَخْر: شقّ الماء.
وقيل صَوْت جَرْي الفلك بالريح، ويترتب على هذا أن
يكون الخر من الريح.
وأن يكون من السفينة ونحوها، وهو في هذه الآية من السفن.
ويقال للسحاب بنات مَخْر تشبيهاً، إذ في جريها ذلك الصوت الذي هو
عن الريح والماء الذي في السحاب، وأمرها يشبه أمر البحر، على أن الزّجّاج قد قال: بنات الْمَخْرِ: سحائب بيضى لا ماء فيها.
وقال بعض اللغويين الْمَخْر في كلام العرب الشق، يقال مخر الماء الأرض.
قال ابن عطية: فهذا بَيِّن أن يقال فيه للفلك مَوَاخر.
وقال قوم: مَوَاخِر معناه تجيء وتذهب بريح واحدة، وهذه
الأقوال ليست تفسيرا لِلَّفْظة، وإنما أرادوا أنها مواخر بهذه الأحوال، فنصّوا
على هذه الأحوال، إذ هي موضع النعمة المعددة، إذ نفس كون الفلك ماخرة لا نعمة فيها، وإنما النعمة في مخرها بهذه الأحوال في التجارة والسفر فيها، وما يمنح الله فيها من الأرباح والمِنَن.
فإن قلت: ما فائدة تقديم المواخر في هذه الآية على آية فاطر؟
والجواب لما كان الفلك المفعول الأول لترى، ومواخرَ المفعول الثاني.
و" فيه " ظرف وحقه التأخير، والواو في ولتبتغوا للعطف على لام العلَّة في قوله: (لتأكلوا منه) - أخَّرَه ليجيء على القياس في هذه السورة.
وأما في فاطر فقدّم (فيه) لما قبله وهو قوله: (ومِنْ كلٍّ تأكلون لحما طرياً) .
فقدّم الجارّ على الفعل والفاعل والمفعول جميعاً ولم يزد الواو في (لتبتغوا) لأن اللام في (لتبتغوا) ها هنا لام العلة، وليس بعطف على شيء قبله.
وقيل في الجواب غير هذا مما يطول ذكره.
(أفَمَنْ يخْلق كمَنْ لا يَخْلق) :تقرير يقتضي الرد على مَنْ عبد غير الله، وإنما عبَّر عنهم بمن لأن فيهم مَنْ يعقل ومَنْ لا يعقل، أو مشاكلة لقوله: (أفمن يخْلق) .
وأورد الزمخشري هنا سؤالين: أحدهما أن الأصنام لا تعقل، فهَلاَّ قيل: كما لا يخلق؟
وأجاب ابن عرفة بأنه لو عبَّر بـ (ما) لكان الإنكار عليهم بأمرين:
من حيث كونها غير عاقلة، وكونها لا تخلق، وما المقصود في
الآية إلا إنكار عبادتها من حيث كونها لا تخلق فقط.