والمعنى تعديد النعمة في تسهيل المشي على الأرض، فاستعار لها الذّلَّ
والمناكب تشبيهاً بالدّوَابّ
(مَنْ يمْشِي مكِبًّا على وَجْهه) .
توقيف على الحالتين أيهما أَهدى.
والمراد بها توبيخ الكفار، وفي معناها قولان:
أحدهما أن المشْيَ استعارة في سلوك طريق الهُدَى والضلال في الدنيا.
والآخر أنه حقيقة في المشي في الآخرة، لأن الكافر يحْمَل إلى جهنم على
وجهه.
فأما على القول الأول فقيل: إن الذي يمشي مكبًّا أبو جهل، والذي يمشي
سَوِيّاً سيدنا ومولانا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وقيل حمزة.
وقيل هي على العموم في كل مؤمن وكافر.
وقد تمشي هذهْ الأقوال أيضاً على القول الثاني.
والمكِبّ هو الذي يقع على وجهه، يقال أكبَّ الرجل وكبَّه غيره، فالمتعدي
دون همزة، والقاصر بالهمزة بخلاف سائر الأفعال.
(ماؤُكم غَوراً) :
مصدر وُصف به بمعنى غائرا، أي ذاهباً في
الأرض، وهذا احتجاج على المشركين.
والمعنى إنْ غار ماؤكم الذي تشربون منه هل يأتيكم إله غير الله بماءٍ معِين.
واختلف هل وزنه فعيل أو مفعول.
وقوله: (وكأس من مَعِين) ، أي من خمر تجري من العيون.
(ما أنْتَ بنعمةِ رَبكَ بمَجْنون) : هذا جواب القسم، وهو
خطاب لنبينا ومولانا محمد - صلى الله عليه وسلم -، معناه نفي ما نسبه الكفار له من الجنون.
وبنعمة ربك - اعتراض بين (ما) وخبرها، كما تقول: أنْت - بحمد الله - فاضل.
والجار والمجرور في موضع الحال.
وقال الزمخشري: إن العامل فيه بمجنون.
(مَشَّاءٍ بنَمِيم) ، أي كثير المشي بالنميمة، يقال نميم ونميمة
بمعنى واحد.
قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا يدخل الجنة نَمّام منّاع للخير".
أي شحيح، لأن الخير