إقرارك له بالربوبية يوم (أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) فرضيت به ربّاً واحدا رازقاً، فكيف
توَحده هنالك وتجهله ها هنا، وقد تواتر عليك إحسانه، وغمرك فضله
وامتنانه.
فإن قلت: ما فائدة تكرير ذِكْر التقوى في هذه السورة في مواطن ثلاث؟
فالجواب أن أوامرها دارت على الأمر بالمحافظة على إيقاع الطلاق إذا دعت
إليه الضرورة في وَقْتِه لاستقبال العدة حتى لا يقع الضرار بالمطلقة في تطويل
عِدّتها، والأمر بإحصاء العدة والمحافظة عليها، وأن تخرج المعتدة من بيتها حيث وقع عليها الطلاق، والأمر بإنفاذ ما يقع الاعتماد عليه من إمساك أو مفارقة، ومن حسن الصحبة وجميل العشرة: إن اعتمد الإمساك، أو بالإمتاع أو التلطف رَعْياً لما تقدم من الصحبة إن عَوَّل على المفارقة فلرَعْي هذه الأوامر أكّد سبحانه بالتزام التقوى فيما ذكر، فتأمله جارياً على أوضح تناسب.
(ما أحَلَّ الله لَكَ) .الخطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم -، نهاه الله أن يطلبَ
رضا أزواجه بتحريم ما أحل الله له من تحريمه للجارية، ابتغاء رِضَا حَفْصة.
وهذا يدل على أنها نزلت في تحريم الجارية.
وأما تحريمه للعَسل فلم يقصد به رِضَا أزواجه، وإنما تركه لرائحته، وكان يكره أن توجد منه رائحة كريهة.
(ما يُؤْمَرون) :
وصف للملائكة بأنهم لا يعصون، وتأكيد لعدم عصيانهم.
وقيل: إن معنى (لا يعصون) ، امتثال الأمر، (ويفعلون ما يؤمرون) جدّهم ونشاطهم فيما يؤمرون به من عذاب الناس.
(ما تَرَى في خَلْقِ الرَّحْمن) : بيان وتكميل لما قَبْله.
والخطاب بقوله: (ما تَرى) و (وارْجع البَصر) ، وما بعده للنبي - صلى الله عليه وسلم -، أو لكل مخاطب ليعتبر.
(مَنَاكِبها) :قال ابن عباس: هي الجبال.
وقيل الجوانب والنواحي.
وقيل الطرق.