ذُكِرَ أن ابنَ نوح عليه السلام حين تخلّف عن ركوب السفينةِ اتخذ قارورة
قَدْر ما تحمله، وصعد على الجبل، فلما بلغه الماء دخل فيها، وأغلقها على نفسه، وأرسل عليه إدرار البول حتى مات غريقاً فيه (1) ، فاكسرها بحجر عزيمة التوبة، وناد بلسان حالك ومقالك: يا منقذ الغرقاء، ويا منجي الهلْكَى، أنقذني، فإني ذاهب، لعل حنين صوتك يشفع فيك، أمَّنْ يجيب المضطَرَّ إذا دَعَاه.
(متَّكئاً) :بسكون التاء وتنوين الكاف هو الأترج بلغة الحبشة.
قاله ابن أبي حاتم: وبفتح التاء ما يُتَّكأ عليه، وإعطاؤها السكاكين للنساء
يدلّ على أن الطعام كان مما يقْطع بالسكاكين كالأترج.
وقيل كان لحما.
وقيل: أَعْتَدَتْ لهن فراشا يتَّكئْنَ عليه.
(مُزْجَاةٍ) : أي قليلة، بلسان العجم.
وقيل ناقصة.
وقيل: إنَّ بضاعتهم كانت عروضاً، فلذلك قالوا هذا حياء منه، وطلبوا منه الصدقة، ودعوا له، وقالوا: إن الله يجزي المتصدّقين، وسمُّوا الزيادة صدقة.
وهذا يقتضي أن الصدقة كانت حلالاً لهم قبل نبينا ومولانا محمد - صلى الله عليه وسلم -.
وقيل: تصدق علينا بردّ أخينا إلينا، فلما شكوا له رَقَّ لحالهم وعرَّفهم حينئذٍ
بنفسه، فتشبَّهْ بهم واسْتَحِ من مولاك بنَقْص بضاعتك، لعله يمدك، لأن الجفاء يذهب بالصفاء، كيف يصل روح التوحيد والمعرفة الوافية إلى القلوب الجافية الخاطئة القاسية!.
فإن قلت: ما منعهم من قولهم: إن الله يجزيك على صدقتك، بل عرضوا
له؟
فالجواب أنهم كانوا يعتقدون كفْرَه، لأنهم لم يعرفوه، فلو قالوا: إن الله
يجزيك بصدقتك كذبوا، لأن الله لا يجزي الكافر.
فقالوا لفظاً يوهم أنهم أرادوه ولم يريدوه.
(مُعقِّبَاتٌ) : قد قدمنا أنهم جماعات الملائكة، وسمّوا