وفي شعب الإيمان للبيهقي، عن وهب بن منبه: "إذا قامت القيامةُ أمر بالمغلق
فيكشف عن سقَر وهو غطاؤها، فيخرج منه نار، فإذا وصلت إلى البحر المطبق على شَفِير جهنّم - وهو بحر البحور - نشفته أسرعَ من طرفة عَين، وهو حاجز بين جهنم والأرضين، فإذا نشفت الأرضين السبع فتدعها جمرة واحدة.
وقيل هي في وجه الأرض، لما رُوِي عن وَهْب أيضاً قال: أشرف ذو القرنين
على جبل قاف، فرأى تحته جبلا صغيرا إلى أنْ قال: يا قاف، أخبرني عن عظمة الله، فقال: إن شأنَ ربنا لعظيم، وإن ورائي أرضاً مسيرة خمسمائة عام في خمسمائة عام من جبال ثلج، يحطّم بعضها بعضاً، ولولا هي لاحترقت من حرّ نار جهنم.
وروى الحارث بن أبي أسامة في مسنده، عن عبد الله بن سلام، قال: الجنة في السماء، والنار في الأرض.
وروى أن اليهود قالوا لعمر: (جنة عَرْضُها السماوات والأرض) ، فأين النار؟
قال عمر: أفرأيتم إذا جاء الليل أين يكون النهار، وإذا جاء النهار أين يكون الليل، فقالوا: إنها لمثلها في التوراة.
قالوا: إن باب الجنة في السماء وعرضها السموات والأرض.
فإن قلت: قد صحّ أنها لا منتَهى لها، وأن العرش سقفها، والعرش له حدّ
ومقدار، فما معناه.
والجواب أنَّ العرش لها كالخيمة، فلا يلزم أن يكون العرش محتوياً على
جميعها، وهذا مشاهد.
وقد صح أنها تَبْقَى بلا ساكن حتى يخلق الله لها مَن يسكنها.
فتفكرْ أيّها العبد عَبْد مَنْ أنت، ومَنْ أنْتَ حتى أهَّلكَ لخدمته وعرَّفك به
حتى طلبته، وما قيمة أعمالك في جَنْب مَنْ عبده، فاحمد الله على أن أهَّلك
لخطابه، وجعلك من أحبابه، وإياك ومعصيته، فإنها تورثك بُعْده.
أما علمت أنّه على قَدْر معرفتك به هنا تكون رؤيتك له هناك، وبمعرفتك له يتولّد منه