فلأجل ذلك قال:
انصب بفعل القلب جزءي ابتدا ... أعني رأى خال علمت وجدا
وساق الكلام إلى آخره، ليدلك على أن من أفعال القلوب، ما لا ينصب المبتدأ والخبر، لأنه أخص في الاستعمال بالوقوع على المفرد، وذاك نحو: (عرف، وتبين، وتحقق) ومن النوع الثالث: (صير) كقولك: صيرت زيدًا صديقك. ومنه (أصار، وجعل) لا بمعنى: اعتقد، أو أوجب، أو أوجد، أو ألقى، أو أنشأ، قال الله تعالى: (فجعلناه هباءً منثورًا) الفرقان /٢٣.
ومنه (وهب) في قولهم: وهبني الله فداك. ومنه (رد) في نحو قوله تعالى: (ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارًا) البقرة /١٠٩. ومنه (ترك) كقول الشاعر: من الطويل
١٨٦ - وربيته حتى إذا ما تركته ... أخا القوم واستغنى عن المسح شاربه
ومنه (تخذ، واتخذ) كقوله تعالى: (لتخذت عليه أجرًا) الكهف /٧٧ وقال الله تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلا) النساء /١٢٥. وقد أشار إلى هذه الأفعال، وإلى عملها بقوله:
٧٦ ............. والتي كصيرا ... أيضًا بها انصب // مبتدًأ وخبرا
٢٠٩ - وخص بالتعليق والإلغاء ما ... من قبل هب والأمر هب قد ألزما
٢١٠ - كذا تعلم ولغير الماض من ... سواهما اجعل كل ما له زكن
تختص الأفعال القلبية سوى ما لم يتصرف منها، وهو: (هب وتعلم) بالإلغاء والتعليق.