وقال: (قبل) تنبيهًا على أن التنازع لا ياتي بين عاملين متأخرين نحو: زيد قام وقعد، لأن كلا منهما مشغول بمثل ما شغل به الآخر من ضمير الاسم السابق، فلا تنازع بينهما، بخلاف المتقديمن نحو: قام وقعد زيد، فإن كلا منهما متوجه في المعنى إلى زيد، وصالح للعمل في لفظه، فيعمل أحدهما فيه، والآخر في ضميره.
وإلى هذا أشار بقوله:
............................. ... ........... فللواحد منهما العمل
والتنازع إما في الفاعلية، أو في المفعولية، أو فيهما على وجهين.
أمثلة ذلك على إعمال الثاني: قاما وقعد أخواك، ورأيت وأكرمت أبويك، وضرباني وضربت الزيدين، وضربت وضربني الزيدون: تضمر في الأول الفاعل، وتحذف منه المفعول، لأنه فضلة، فلا يصح إضماره قبل الذكر.
وأمثلته على إعمال الأول: قام وقعد أخواك، ورأيت وأكرمتهما أبويك، وضربني وضربتهما الزيدان، وضربت وضربوني الزيدين: تضمر في الثاني ضمير الفاعل وضمير المفعول.
والمختار عند البصرين إعمال الثاني، وعند الكوفيين إعمال الأول.
٢٨٠ - وأعمل المهمل في ضمير ما ... تنازعاه والتزم ما التزما
٢٨١ - كيحسنان ويسيء ابناكا ... وقد بغى واعتديا عبداكا
٢٨٢ - ولا تجئ مع أولٍ قد أهملا ... بمضمرٍ لغير رفعٍ أوهلا
المهملٍ: هو الذي لم يسلط على الاسم الظاهر، وهو يطلبه في المعنى، فيعمل في ضميره، مطابقًا له في الإفراد، والتذكير، وفروعهما.
وإلى ذلك أشار بقوله:
........................ ... ............ والتزم ما التزما
ثم المهمل لا يخلو إما أن يكون الفعل الأول أو الثاني، فإن كان الأول، فإما أن يقتضي الرفع أو النصب، فإن اقتضى الرفع أضمر فيه قبل الذكر إضمارًا على شريطة التفسير، نحو: (يحسنان ويسيء ابناكا) وإن اقتضى النصب امتنع أن يضمر فيه، لأن المنصوب فضلة، يجوز الاستغناء عنها، فلا حاجة إلى إضمارها قبل الذكر، ووجب الحذف إلا في باب (ظن)، وفي باب (كان) وفيما أوقع حذفه في لبس، على ما سيأتي بيانه.