تقول: ضربت وضربني زيد، ومررت وأكرمني عمرو. ولا يجوز: ضربته وضربني زيد، ولا مررت به فأكرمني عمرو. وقول الشاعر: من الطويل
٢٢٩ - إذا كنت ترضيه ويرضيك صاحب ... جهارًا فكن في الغيب أحفظ للود
ضرورة نادرة لا يعتد بمثلها. وأما المرفوع فعمدة، لا يجوز الاستغناء عنها، فأضمرت قبل الذكر، لما أريد إعمال أقرب الفعلين إلى المتنازع فيه، وكان إضمارًا على شريطة التفسير ١٠٠ // فيه، فجاز للحاجة إليه جوازه في نحو (ربه رجلا) و (نعم رجلا زيد).
ومنع الكوفيون الإضمار قبل الذكر في هذا الباب، فلم يجيزوا نحو: يحسنان ويسيء ابناك، وضرباني وضربت الزيدين، بل هم في مثل ذلك على مذهبين.
فذهب الكسائي: أنه يعمل الأول، فيقول: يحسن ويسيئان ابناك، وضربني وضربتهما الزيدان، أو بحذف فاعله للدلالة عليه، فيقول: يحسن ويسيء ابناك، وضربني وضربت الزيدين.
ومذهب الفراء: إعمال الأول، أو إعمال الثاني، وتأخير ضمير الأول، إن كان رافعًا، نحو: يحسن ويسيء ابناك هما، وضربني وضربت الزيدين هما، أو إعمال المتنازعين جميعًا في الاسم الظاهر، إن كانا رافعين فيجوز: يحسن ويسيء ابناك، ولا يجوز: ضربني وضربت الزيدين.
وما منعه الكوفيون من الإضمار في هذا الباب قبل الذكر ثابت عن العرب، فلا يلتفت إلى منعهم. حكي سيبويه: ضربوني وضربت قومك، وأنشد: من الطويل
٢٣٠ - وكمتا مدماةً كأن متونها ... جرى فوقها واستشعرت لون مذهب