وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (ما من أيام أحب إلى الله فيها الصوم منه في عشر ذي الحجة).
وقول الشاعر: من الطويل
٤٥٠ - مررت على وادي السباع ولا أرى ... كوادي السباع حين يظلم واديا
أقل به ركب أتوه تئيةً ... وأخوف إلا ما وقى الله ساريا
تقديره: لا أرى واديًا أقل به ركب أتوه تئيةً منه كوادي السباع، ولكن حذف لتقدم ما دل على المفضول. يقال: تأييت بالمكان، أي: تلبثت به.
وتقول: ما أحد أحسن به الجميل من زيدٍ، أصله: ما أحد أحسن به الجميل من الجميل بزيد، إلا أنه أضيف الجميل إلى زيد، لملابسته له في المعنى، فصار في التقدير: من جميل زيد، ثم حذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه. ونظير ذلك قوله:
كلن ترى في الناس من رفيق ... أولى به الفضل من الصديق
يعني: أبا بكر - رضي الله عنه -.
فهذه الصور ونحوها يرفع (أفعل) التفضيل فيها الظاهر باطراد، ويمكن أن يعلل ذلك بأمرين:
أحدهما: ما أشار إليه بقوله:
.................... ومتى ... عاقب فعلا فكثيرًا ثبتا
يعني أنه متى حسن أن يقع موقع (أفعل) التفضيل فعل بمعناه صح رفعه الظاهر ١٩٠، كما صح إعمال اسم الفاعل بمعنى المضي في صلة // الألف واللام، فقالوا: (ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيدٍ). لأنه في معنى: ما رأيت رجلا يحسن في عينه الكحل كحسنه في عين زيدٍ.
فإن قلت: فكان ينبغي أن يقضي جواز مثل هذا بجواز رفع (أفعل) التفضيل السببي المضاف إلى ضمير الموصوف، نحو: ما رأيت رجلا أحسن منه أبوه، وفي الإثبات، نحو: رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيدٍ، لأنه يصح في ذلك كله وقوع الفعل موقع (أفعل) التفضيل.