والمراد بالعدل: تغيير اللفظ بدون تغيير المعنى ولذلك صرف نحو: (ضروب، وشراب ومنحار) لأنها وإن كانت صفات محولة من فاعل فهي غير معدولة، لأنها انتقلت بالتحويل إلى معنى المبالغة والتكثير.
فإن قلت/ فهلا منع صرف (فعيل) بمعنى (مفعول) نحو: جريح وذبيح قلت: لأنه قبل النقل من (مفعول) كان يقبل معناه الشدة والضعف، وبعد النقل إلى (فعيل) لم يصلح إلا حيث يكون معنى الحدث فيه أشد، ألا ترى من أصيب في أنملته بمدية يسمى (مجروحا) ولا يسمى (جريحا)، فلما كان النقل مخرجا له عما كان يصلح له قبل لم يكن عدلا، لأنه يتغير اللفظ بتغيير المعنى، فلم يستحق المنع من الصرف. على أنا نمنع أن (فعيلا) بمعنى (مفعول) مأخوذ من فظ المفعول على وجه العدول، بل مما أخذ المفعول منه.
وذهب الزجاج إلى أن المانع من الصرف في (أحاد وأخواته) العدل في اللفظ والمعنى.
أما في اللفظ: فظاهر.
وأما في المعنى: فلكونها تغيرت عن مفهومها في الأصل إلى إفادة معنى التضعيف. وهذا فاسد من وجهين.
أحدهما: أن (أحاد) مثلا لو كان المانع من صرفه عدله عن لفظ واحد، ومن ٢٥٠ معناه إلى معنى التضعيف للزم أحد الامرين، وهو إما منع صرف كل اسم// مغير عن أصله لتجدد معنى فيه، كأبنية المبالغة وأسماء الجموع، وإما ترجيح أحد المتساويين على الآخر، واللازم منتف باتفاق.
والثاني: أن كل ممنوع من الصرف فلا بد أن يكون فيه فرعية في اللفظ، وفرعية في المعنى، ومن شرطها أن تكون من غير جهة فرعية اللفظ، ليكمل بذلك الشبه بالفعل، ولا يتأتى ذلك في (أحاد) إلا أن تكون فرعيته في اللفظ بعدله عن واحد المتضمن معنى التكرار، وفي المعنى بلزومه الوصفية، وكذا القول في أخواته فاعرفه.
وأما (أخر) المعدول فهو المقابل لـ (آخرين) وهو جمع (أخرى) أنثى آخر، لا جمع (أخرى) بمعنى آخرة، كالتي في قوله تعالى: {وقالت أولاهم لأخراهم} الأعراف/ ٣٩ فإن هذه تجمع على أخر: مصروفا، لأنه غير معدول. ذكر ذلك الفراء.